في لون كلب أصحاب الكهف، وفي البعض الذي ضرب به موسى (١) من البقرة، وفي مقدار سفينة نوح، وما كان خشبها، وفي اسم الغلام الذي قتله الخضر، ونحو ذلك.
(٥٧) فهذه الأمور طريق العلم بها النقل، فما كان من هذا منقولاً نقلاً صحيحًا عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ـ كاسم صاحب موسى أنه الخضر ـ فهذا معلوم، وما لم يكن كذلك، بل كان مما يؤخذ عن أهل الكتاب ـ كالمنقول عن كعب، ووهب، ومحمد بن إسحاق، وغيرهم ممن يأخذ عن أهل الكتاب ـ فهذا لا يجوز تصديقه ولا تكذيبه إلا بحجة (٢)، كما ثبت في الصحيح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، فإما أن يحدثوكم بحق فتكذبوه، وإما أن يحدثوكم بباطل فتصدقوه».
(٥٨) وكذلك ما نقل عن بعض التابعين وإن لم يذكر أنه أخذه عن أهل الكتاب، فمتى اختلف التابعون لم يكن بعض أقوالهم حجة على بعض (٣)، وما نقل في ذلك عن بعض الصحابة نقلاً صحيحًا فالنفس إليه أسكن مما نقل عن بعض التابعين؛ لأن احتمال أن يكون سمعه من النبي صلّى الله عليه وسلّم أو من بعض من سمعه منه أقوى، ولأن نقل الصحابة عن أهل الكتاب أقلُّ من نقل التابعين، ومع جزم الصاحب فيما يقوله؛ فكيف يقال: إنه أخذه عن أهل الكتاب وقد نهوا عن تصديقهم؟! والمقصود أن مثل هذا الاختلاف الذي لا يعلم صحيحه،
_________
(١) في نسخة زمرلي: «ضُرب به قتيل موسى».
(٢) لاحظ هذه الفقرة، وانظر في حال بعض من يردُّ الإسرائيلية لأنها إسرائيلية، وإن لم يكن عنده حجة في تكذيبها.
(٣) ستأتي هذه المسألة عند حديثه عن تفاسير التابعين ضمن أحسن طرق التفسير (ص: ٢٥٩).


الصفحة التالية
Icon