(٨٨) والأولون صنفان:
تارة يسلبون لفظ القرآن ما دل عليه وأريد به.
وتارة يحملونه على ما لم يدل عليه ولم يُرَدْ به.
وفي كلا الأمرين:
قد يكون ما قصدوا نفيه أو إثباته من المعنى باطلاً، فيكون خطؤهم في الدليل والمدلول.
وقد يكون حقًا فيكون خطؤهم في الدليل لا في المدلول.
وهذا كما أنه وقع في تفسير القرآن فإنه وقع أيضًا في تفسير الحديث.
(٨٩) فالذين أخطؤوا في الدليل والمدلول ـ مثل طوائف من أهل البدع ـ اعتقدوا مذهبًا يخالف الحق الذي عليه الأمة الوسط الذين لا يجتمعون على ضلالة؛ كسلف الأمة وأئمتها، وعمدوا إلى القرآن فتأوَّلوه على آرائهم:
تارة يستدلون بآيات على مذهبهم ولا دلالة فيها.
وتارة يتأولون ما يخالف مذهبهم بما يحرفون به الكلم عن مواضعه.
ومن هؤلاء فرق الخوارج، والروافض، والجهمية، والمعتزلة، والقدرية، والمرجئة، وغيرهم.
(٩٠) وهذا كالمعتزلة مثلاً فإنهم من أعظم الناس كلامًا وجدالاً، وقد صنفوا تفاسير على أصول مذهبهم؛ مثل تفسير عبد الرحمن بن كيسان الأصم شيخ إبراهيم بن إسماعيل بن علية الذي كان يناظر الشافعي، ومثل كتاب أبي علي الجبائي، والتفسير الكبير للقاضي عبد الجبار بن أحمد الهمداني، ولعلي بن عيسى الرماني، والكشاف


الصفحة التالية
Icon