فإذا قيل: الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام، فهي كلها أسماء لمسمى واحد سبحانه وتعالى، وإن كان كل اسم يدل على نعت لله تعالى لا يدل عليه الاسم الآخر.
ومثال هذا التفسير كلام العلماء في تفسير (الصراط المستقيم) فهذا يقول: هو الإسلام، وهذا يقول: هو القرآن؛ أي: اتباع القرآن، وهذا يقول: السنة والجماعة، وهذا يقول: طريق العبودية، وهذا يقول: طاعة الله ورسوله.
ومعلوم أن الصراط يوصف بهذه الصفات كلها، ويسمى بهذه الأسماء كلها ولكن كل واحد منهم دل المخاطب على النعت الذي به يعرف الصراط، وينتفع بمعرفة ذلك النعت.
الوجه الثاني: أن يذكر كل منهم من تفسير الاسم بعض أنواعه أو أعيانه على سبيل التمثيل للمخاطب، لا على سبيل الحصر والإحاطة، كما لو سأل أعجمي عن معنى لفظ الخبر، فأُرِيَ رغيفًا، وقيل: هذا هو، فذاك مثال للخبز وإشارة إلى جنسه؛ لا إلى ذلك الرغيف خاصة.
ومن هذا ما جاء عنهم في قوله تعالى: ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ﴾ [فاطر: ٣٢].
فالقول الجامع: أن الظالم لنفسه: هو المفرط بترك مأمور أو فعل محظور.
والمقتصد: القائم بأداء الواجبات وترك المحرمات.
والسابق بالخيرات: بمنْزلة المقرب الذي يتقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض حتى يحبه الحق.
ثم إن كلاً منهم يذكر نوعًا من هذا. فإذا قال القائل:
الظالم: المؤخر للصلاة عن وقتها.