٢ - أنَّ عموم سنته صلّى الله عليه وسلّم شارحة للقرآن.
٣ - أنَّ أصول الدين من المعاملات والشرعيات والاعتقادات قد بيَّنها الرسول صلّى الله عليه وسلّم للصحابة بيانًا واضحًا لا لبس فيه، واختلافهم في بعض أفرادها لا يدلُّ على أنه لم يبينها لهم.
وهذا يسدُّ المدخل على المبتدعة الذين ناقشهم شيخ الإسلام، وعليه يُحمل كلامه في بيان الرسول صلّى الله عليه وسلّم، والله أعلم.
٤ - أنَّ الصحابة كان لهم اجتهاد في بيان القرآن وتفسيره، ولم يقع خلافهم في أصول المسائل السابقة، وإنما وقع في جزئيات، بل ما وقع الخلاف فيه من جهة دلالة بعض الآيات على مسائل في الاعتقاد نادرٌ جدًّا، وهو يرجع إلى صحَّةِ دلالة الآية على المسألة العقدية، لا على ثبوت المسألة العقدية عندهم؛ كالاختلاف في قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ﴾ [القلم: ٤٢]، فقد ورد عن ابن عباس وأصحابه أنها القيامة تكشف عن هول وكرب عظيم، وورد عن أبي سعيد الخدري وغيره أنَّ الساق هنا هي ساق الرب سبحانه بدليل حديث الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «يكشف ربنا عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياءً وسمعة، فيذهب ليسجد، فيعود ظهره طَبَقًا واحدًا» (١).
ومما يجب أن يعلم ويعتقد أنه لا يوجد في تفسيرات الصحابة، ولا التابعين وأتباعهم قول بالرأي المذموم الذي يكون عن جهل أو هوى، كما حصل فيمن جاء بعدهم من المتأخرين، بل كانوا يجتهدون على علمٍ، ولا يعني هذا أن يكون كل اجتهادهم صحيحًا، بل حالها كحال الاجتهاد في الفرعيات، لكن قولهم مقدم، وهو أولى من قول غيرهم من المتأخرين، وهذا الأصل مما لا يُتصوَّر أن يُنازِع فيه طالب علم يعرف عِلْمَ السلف وعلم الخلف.
_________
(١) رواه البخاري برقم (٤٩١٩)، وهو حديث مشهور رواه غير واحدٍ من أهل العلم.


الصفحة التالية
Icon