كانوا يقرئوننا: عثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلّى الله عليه وسلّم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل»، وأثر ابن عمر في تعلُّمه سورة البقرة في ثمان سنين.
ويمكن أن يضاف إلى دليل النقل ما ورد عن ابن عمر، وهو قوله: «لقد عشنا برهة من دهرنا، وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن وتنْزل السورة على محمد، فنتعلم حلالها وحرامها، وما ينبغي أن يوقف عنده منها؛ كما تتعلمون أنتم القرآن اليوم، ولقد رأينا اليوم رجالاً يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه» (١).
وكذا ما ورد عنهم من الأسئلة التفسيرية التي يستوضحون فيها عن ما يشكل عليهم في معنى آية من الآيات، ومن ذلك ما ورد عن مسروق قال: إنا سألنا عبد الله عن هذه الآية ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ فقال: أما إنا قد سألنا عن ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل...» (٢).
ومنها ما ورد عن مسروق قال: قال عبد الله ـ يعني: ابن مسعود ـ: «والذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله؛ إلا وأنا أعلم فيمن نزلت، وأين نزلت، ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله مني تناله المطايا لأتيته».
_________
(١) رواه مسلم برقم ١٨٨٧ (٣: ١٥٠٢).
(٢) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (٢: ٣٤٢)، والطبري، تحقيق: شاكر (١: ٨٠)، وهو في الصحيحين وغيرهما بلفظ (تبلغه الإبل). صحيح البخاري، باب القراء من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم رقم الحديث ٤٧١٦، وصحيح مسلم رقم الحديث ٢٤٣٦ (٤: ١٩١٣).


الصفحة التالية
Icon