(١٩) فإذا كان مقصود السائل تعيين المسمى = عبَّرنا عنه بأي اسم كان إذا عُرِفَ مسمى هذا الاسم، وقد يكون الاسم عَلَمًا، وقد يكون صفة كمن يسأل عن قوله: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي﴾ [طه: ١٢٤] ما ذِكْرُه؟ فيقال له: هو القرآن مثلاً، أو هو ما أنزله من الكتب. فإن الذِّكْرَ مصدرٌ، والمصدر تارة يضاف إلى الفاعل وتارة إلى المفعول.
فإذا قيل: ذِكْرُ الله بالمعنى الثاني كان ما يذكر به مثل قول العبد: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.
وإذا قيل بالمعنى الأول كان ما يذكره هو، وهو كلامه، وهذا هو المراد في قوله: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي﴾ [طه: ١٢٤]؛ لأنه قال قبل ذلك: ﴿فَإِمَّا يَاتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى﴾ [طه: ١٢٣]، وهُدَاه هو ما أنزله من الذِّكْرِ، وقال بعد ذلك: ﴿قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا﴾ ﴿قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا﴾ [طه: ١٢٥، ١٢٦].
(٢٠) والمقصود أن يعرف أن الذِّكْر هو كلامه المُنزل، أو هو ذِكْر العبد له، فسواء قيل: ذكري: كتابي، أو كلامي، أو هداي، أو نحو ذلك = كان المسمى واحدًا.
(٢١) وإن كان مقصود السائل معرفة ما في الاسم من الصفة المختصة به، فلا بدَّ من قدر زائد على تعيين المسمى؛ مثل أن يسأل عن القدوس السلام المؤمن، وقد عَلِمَ أنه الله؛ لكن مراده ما معنى كونه قدوسًا سلامًا مؤمنًا ونحو ذلك.
(٢٢) إذا عُرف هذا، فالسلف كثيرًا ما يعبّرون عن المسمى بعبارة تدل على عينه، وإن كان فيها من الصفة ما ليس في الاسم الآخر؛ كمن يقول: أحمد هو الحاشر والماحي والعاقب. والقدوس هو الغفور والرحيم؛ أي أن المسمَّى واحد، لا أن هذه الصفة هي هذه الصفة،