وإما لكون اللفظ متواطئًا، فيكون عامًّا إذا لم يكن لتخصيصه موجب، فهذا النَّوع إذا صحَّ فيه القولان كان من الصنف الثاني (١).
(٤٢) ومن الأقوال الموجودة عنهم ويجعلها بعض الناس اختلافًا = أن يعبِّروا عن المعاني بألفاظ متقاربةٍ لا مترادفة، فإن الترادف في اللغة قليل، وأما في ألفاظ القرآن: فإما نادر، وإما معدوم، وقَلَّ أن يُعبَّر عن لفظ واحد بلفظ واحد يؤدي جميع معناه، بل يكون فيه تقريبٌ لمعناه، وهذا من أسباب إعجاز القرآن (٢).
(٤٣) فإذا قال القائل: ﴿يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا﴾ [الطور: ٩]: إن المور الحركة؛ كان تقريبًا؛ إذ المور حركة خفيفة سريعةً.
وكذلك إذا قال: الوحي: الإعلام، أو قيل: ﴿أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ [النساء: ١٦٣، وغيرها]: أنزلنا إليك، أو قيل: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الإسراء: ٤]، أي: أعلمنا، وأمثال ذلك، فهذا كله تقريب لا تحقيق. فإن الوحي هو: إعلام سريع خفي، والقضاء إليهم أخص من الإعلام، فإن فيه إنزالاً إليهم وإيحاءً إليهم.
(٤٤) والعرب تُضمِّنُ الفعل معنى الفعل وتعديه تعديته، ومن هنا غلط من جعل بعض الحروف تقوم مقام بعض، كما يقولون في قوله: ﴿لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ﴾ [ص: ٢٤]؛ (أي: مع نعاجه) (٣).
و ﴿مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ﴾ [آل عمران: ٥٢، الصف: ١٤]؛ أي: مع الله، ونحو ذلك.
_________
(١) أي من العام الذي يُذكر له أمثلة.
(٢) يقول ابن عطية ـ في فصل بعنوان (نبذة مما قال العلماء في إعجاز القرآن) ـ: «وكتاب الله؛ لو نُزِعَتْ منه لفظة، ثم أُدِير لسان العرب في أن توجد أحسن منها = لم يوجد». المحرر الوجيز، ط: قطر (١: ٦١).
(٣) ليس في نسخة د. عدنان.