كالاختلاف الواقع بين الصحابة في قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة»، ففهم بعضهم أن المراد الاستعجال، فصلوا العصر في وقتها، وفهم آخرون الأمر على ظاهره، فأخّروا الصلاة حتى وصلوا بني قريظة، ومثله ما حدث من اختلافهم في تقطيع نخل بني النضير، وغيرها من الوقائع التي هي من هذا الجنس.
وكلُّ هذا قد ذكره في كتابه «اقتضاء الصراط المستقيم»، وذكر أمثلةً للاختلاف الذي يكون من التنوع والذي يكون من التضاد. لكن ليست هذه الأنواع العامة هي المرادة هنا، وإنما المراد الاختلاف الذي وقع من السلفِ في التفسير.
أما ما يتعلق بتعريف اختلاف التنوع والتضاد، فقد ذكر رحمه الله جملة مما يدخل في اختلاف التنوع يمكن أن يُعرَّف بها، وهو كما يأتي:
أولاً: اختلاف التنوع:
اختلاف التنوع في التفسير نوعان:
الأول: ما يكون أحد القولين في معنى القول الآخر لكنِ العبارتان مختلفتان.
الثاني: ما يكون المعنيان غيرين (١)، لكن لا يتنافيان، فهذا قول صحيح، وذلك قول صحيح، وإن لم يكن معنى أحدهما هو معنى الآخر.
ثانيًا: اختلاف التضاد:
ذكر في ضابط اختلاف التضاد قوله: «فهو القولان المتنافيان»، وهذا يعني أنه الذي لا يمكن حمل الآيةِ عليهما معًا، فإذا قيل بأحد القولين انتفى القول الآخر (٢).
_________
(١) غيرين: متغايرين.
(٢) ينظر: اقتضاء الصراط المستقيم (١: ١٢٩ ـ ١٣٠).