ثم ذكر رحمه الله أنَّ التفسير يختلف باختلاف مقصود السائلِ، ومقصوده لا يخرج عن احتمالين:
الأول: أن يريد تعيين المسمى دون النظرِ إلى الصِّفةِ التي يحتملها اللفظُ المفسَّرُ.
الثاني: أن يكون مقصودُ السائلِ معرفةَ الصفةِ المختصَّةِ بذلك الاسمِ، فيفسَّر له هذا المعنى بذاته؛ لأنه قد عَلِمَ المسمى بهذه الصفة فاحتاج إلى معرفة القدر الزائد في هذه الصفة.
ومن الأمثلة التي ضربها: أن يقع سؤال السائل عن قوله تعالى: ﴿الْقُدُّوسُ السَّلاَمُ الْمُؤْمِنُ﴾ [الحشر: ٢٣]، فإن قلتَ: هو الله فهذا تعيين للمسمى بهذه الأوصاف.
وإن قُلتَ: القدُّوس: الطاهر من كل عيبٍ ونقصٍ، والسلام: السالم من الآفات التي تلحق البشر من نوم وموت وعجز وغيرها، فهذا تفسير للقدر الزائد على دلالتها على الذات في هذه الصفة.
فالله هو القدوس وهو السلام، لكن معنى القدوس غير معنى السلام.
ثم قال: «إذا عرف هذا فالسلف كثيرًا ما يعبرون عن المسمى بعبارة تدل على عينه وإن كان فيها من الصفة ما ليس في الاسم الآخر، كمن يقول:
أحمد: هو الحاشر والماحي والعاقب.
والقدوس: هو الغفور والرحيم؛ أي أن المسمَّى واحد لا أن هذه الصفة هي هذه الصفة، ومعلوم أن هذا ليس اختلاف تضاد كما يظنه بعض الناس».
فقولك: أحمد والماحي والحاشر والعاقب هو واحد من جهة تسمية النبي صلّى الله عليه وسلّم بهذه الأسماء، لكن لكل واحدٍ منها معنى مستقل عن الآخر، فليس معنى أحمد (الموصوف بالحمد) كمعنى الحاشر (الذي يحشر الناس)