وعن ابن عباس أيضًا: من قِبَلِ حسناتهم.
قال الحسن: من قبل الحسنات؛ أثبطهم عنها.
وقال أبو صالح أيضًا: من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم: أنفقه عليهم وأرغبهم فيه.
وقال الحسن: وعن شمائلهم: السيئات؛ يأمرهم بها، ويحثهم عليها، ويزينها في أعينهم.
وصح عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: ولم يقل: من فوقهم؛ لأنه علم أن الله من فوقهم.
قال الشعبي: فالله ـ عزّ وجل ـ أنزل الرحمة عليهم من فوقهم.
وقال قتادة: أتاك الشيطان يا ابن آدم من كل وجه غير أنه لم يأتك من فوقك لم يستطع أن يحول بينك وبين رحمة الله... وقال آخرون ـ منهم أبو إسحاق والزمخشري، واللفظ لأبي إسحاق ـ: ذكر هذه الوجوه للمبالغة في التوكيد؛ أي: لآتينهم من جميع الجهات، والحقيقة ـ والله أعلم ـ: أتصرف لهم في الإضلال من جميع جهاتهم.
وقال الزمخشري: ثم لآتينهم من الجهات الأربع التي يأتي منها العدو في الغالب، وهذا مَثَلٌ لوسوسته إليهم وتسويله ما أمكنه وقدر عليه؛ كقوله: ﴿وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ﴾ [الإسراء: ٦٤]، وهذا يوافق ما حكيناه عن قتادة: أتاك من كل وجه غير أنه لم يأتك من فوقك.
وهذا القول أعم فائدة، ولا يناقض ما قال السلف، فإن ذلك على جهة التمثيل لا التعيين» (١).
_________
(١) إغاثة اللهفان (١: ١٠٢ ـ ١٠٤).