قال الحاكم: هذا الحديث وأشباهُه، مسندةٌ عن آخرها، وليست بموقوفة، فإنَّ الصَّحابيَّ الَّذي شَهِدَ الوحي والتَّنْزيلَ، فأخبر عن آيةٍ من القرآنِ: إنها نزلت في كذا وكذا، فإنَّه حديثٌ مسندٌ» (١).
ومن أمثلتها من صحيح البخاري (ت: ٢٥٦):
١ - حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن ابن المنكدر سمعت جابرًا قال: «كانت اليهود تقول: إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول، فنزلت: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَاتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٣]» (٢).
٢ - حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا هشام عن ابن جريج قال: أخبرني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: «أن رجلاً كانت له يتيمة، فنكحها، وكان لها عِذْقٌ، وكان يمسكها عليه، ولم يكن لها من نفسه شيء، فنَزلت فيه: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾ [النساء: ٣]، أحسبه قال: كانت شريكته في ذلك العِذْقِ وفي ماله» (٣).
ومن أمثلتها في صحيح مسلم:
١ - باب في قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ﴾ [الإسراء: ٥٧].
قال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الله بن إدريس،
_________
(١) معرفة علوم الحديث، للحاكم (ص: ٢٠)، وقد نقلته بنصِّه لإبرازِ مذهبِه، إذ قد فَهِمَ بعض الأئمة الأعلامِ أنه يعدُّ تفسير الصَّحابةِ في حكم المرفوع، وسبب ذلك اللَّبس أنه لم يفصِّل كهذا التَّفصيل في المواطن التي ذكرها في المستدرك (١: ٥٤٢)، (٢: ٢٥٨)، وممن نَسَبَ له ذلك ابنُ القيِّم، قال في كتابه التبيان في أقسام القرآن (ص: ١٤٢ ـ ١٤٣): «... وهذا عند طائفة من أهل الحديث في حكم المرفوع. وقال الحاكم: تفسيرُ الصحابةِ عندنا في حكم المرفوع».
(٢) رواه البخاري في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، رقم الحديث: (٤٢٥٤).
(٣) رواه البخاري في تفسير سورة النساء من كتاب التفسير، رقم الحديث: (٤٢٩٧).