زيد بقوة عمرو، فالقوة لا تشاهد ولكنها تعلم سادة مسد أخرى فتشبه. والتشبيه على وجهين: تشبيه شيئين متفقين بأنفسهما، وتشبيه شيئين مختلفين لمعنى يجمعهما مشترك بينهما، فالأول كتشبيه الجوهر بالجوهر وتشبيه السواد بالسواد والثاني كتشبيه الشدة بالموت والبيان بالسحر الحلال. والتشبيه البليغ إخراج الأغمض إلى الأظهر بأداة التشبيه مع حسن التأليف.
وهذا الباب يتفاضل فيه الشعراء وتظهر فيه بلاغة البغاء، وذلك أنه يكسب الكلام بيانا عجيبا. وهو على طبقات في الحسن كما بينا. فبلاغة التشبيه الجمع بين شيئين بمعنى يجمعهما يكسب بيانا فيهما. والأظهر الذي يقع فيه البيان بالتشبيه به على وجوه: منها إخراج ما لا نفع عليه الحاسة إلى ما تقع عليه الحاسة. ومنها إخراج ما لم تجربه عادة إلى ما جرت به العادة، ومنها إخراج ما لا يعلم بالبديهة إلى ما يعلم بالبديهة، ومنها إخراج مالا قوة له في الصفة إلى ماله قوة في الصفة. فالأول نحو تشبيه المعدوم بالغائب، والثاني تشبيه البعث بعد الموت بالاستيقاظ بعد النوم، والثالث تشبيه إعادة الأجسام بإعادة الكتاب، والرابع تشبيه ضياء السراج بضياء النهار.
التشبيه على وجهين: تشبيه بلاغة وتشبيه حقيقة. فتشبيه البلاغة كتشبيه أعمال الكفار بالسراب. وتشبيه الحقيقة نحو: هذا دينار كهذا الدينار فخذ أيهما شئت. ونحن نذكر بعض ما جاء في القرآن من التشبيه، وننبه على مافيه من البيان بحسب الإمكان. فمن ذلك قوله تعالى: {والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه