الياء وحذفها والِاجْتِزَاءِ بالكسرة منها (١)، واختلف في الوقف، وابن عامر يقف بالهاء وروي عن ابن كثير (٢)،
والباقون: بالتاء، وقياس من كسر أن يقف بالتاء، لأن الياء مقدرة، وكذا من قدر حذف الألف، وإن الفتحة في التاء ليس على تقدير حذف الألف، وإنما هي على تقدير الإفخام (٣) كما هي في يا طلحة، وقف بالهاء ووجه دخول الهاء في ﴿يَا أَبَتِ﴾ كأنه العوض من حذف الياء إذ حذفها يكثر في النداء.
القولُ في المعنى والتفسيرِ:
المعنى والله أعلم: ﴿تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾ (٤) حلاله وحرامه، ورشده وهداه (٥).
_________
(١) والتاء في يا أبت: تاء تأنيث عوضت عن ياء الإضافة في قراءة من كسرها؛ لأنه حركها بحركة ما قبل ياء الإضافة؛ لتدل على ذلك، وهي في قراءة من فتح عوض من الألف المبدلة من ياء الإضافة في قولك: "يا أبا"، وفتحت تحريكا لها بحركة ما قبل الألف أبو شامة، أبو القاسم شهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي الدمشقي، (ت: ٦٦٥ هـ)، إبراز المعاني من حرز الأماني، (بيروت: دار الكتب العلمية)، ١/ ٥٣١.
(٢) وهو المتواتر عن ابن كثير. ابن الجزري، النشر في القراءات العشر، ت: علي محمد الضباع، (ت: ١٣٨٠ هـ) (المطبعة التجارية الكبرى، تصوير دار الكتاب العلمية)، ٢/ ١٣١. عبد الله بن كثير الداريّ المكيّ، أبو معبد (٤٥ - ١٢٠ هـ) أحد القراء السبعة، مولده ووفاته بمكة.. ابن خلكان، أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر البرمكي الإربلي ت: ٦٨١ هـ، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، ت: إحسان عباس، (بيروت: دار صادر، ١٩٠٠ م)، ٣/ ٤١. الذهبي، تاريخ الإسلام وَوَفيات المشاهير وَالأعلام، ت: الدكتور بشار عوّاد معروف ط ١ (بيروت: دار الغرب الإسلامي، ٢٠٠٣ م)، ٣/ ٤٤٦. ابن الجزري، غاية النهاية في طبقات القراء، مرجع سابق، ١/ ٤٣٣ - ٤٤٤.
(٣) يقصد المؤلف بذلك التفخيم وهو ما عبر به الإمام السخاوي، أبو الحسن علم الدين علي بن محمد (ت: ٦٤٣)، فتح الوصيد في شرح القصيد، ت: د. مولاي محمد الإدريسي الطاهري دكتوراه، ط ١، (الرياض: مكتبة الرشد، السلسلة: سلسلة رسائل جامعية، ٩٢، ١٤٢٣ هـ-٢٠٠٢ م)، ٣/ ١٠٠٤. حيث قال: إن التاء في أبت على التفخيم كما في كلمة علامة وهو المعبر عنه في زماننا بتاء المبالغة.
(٤) فائدة: وصف القرآن بالبيان في فاتحة هذه السورة، يناسب موضوع القصة. قال محمد رشيد رضا: "فاتحة هذه السورة هي فاتحة سورة يونس إلا وصف القران بالمبين هنا، وبالحكيم هناك، وهما في أعلى ذروة من البيان، وأقصى مدى من الحكمة والإحكام، اختير في كل من السورتين ما يناسبها: فسورة يونس موضوعها أصل الدين، وهو: توحيد الألوهية والربوبية، وإثبات الوحي، والرسالة بإعجاز القرآن، والبعث والجزاء، وهي من الحكمة. وهذه موضوعها قصة نبي كريم، تقلب في أطوار كثيرة، كان قدوة خير، وأسوة حسنة فيها كلها فالبيان بها أخص" رشيد رضا، شمس الدين محمد رشيد بن علي رضا بن محمد بن محمد بهاء الدين بن منلا علي خليفة القلموني الحسيني (ت: ١٣٥٤ هـ)، تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار)، (الهيئة المصرية العامة للكتاب، ١٩٩٠ م)، ١٢/ ٢٠٨.
(٥) عبدالرزاق، أبو بكر بن همام بن نافع الحميري اليماني الصنعاني (ت: ٢١١ هـ)، (تفسير القرآن العزيز-تفسير عبد الرزاق)، ت: د/مصطفى مسلم محمد، ط ١، (الرياض: مكتبة الرشد، ١٤١٠ هـ-١٩٨٩ م) ١/ ٣١٧. ابن جرير، أبو جعفر الطبري محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، (ت: ٣١٠ هـ)، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ت: عبد الله بن عبد المحسن التركي، ط ١ (دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، ١٤٢٢ هـ-٢٠٠١ م)، ١٣/ ٥.


الصفحة التالية
Icon