أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ} (١) ولم يقل ادخلن مساكنكن. وقوله: ﴿رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾، وقال: ﴿إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا﴾، فكرر الفعل، فإنما ذلك على التوكيد، كما يقول: كلّمت زيدا كلّمته وقيل: إن الكواكب الأحد عشر (٢):
كانت إخوته، والشمس والقمر أبويه (٣)، وقيل: أبوه
_________
(١) النمل، الآية: (١٨).
(٢) فائدة: ثبوت الرؤيا شرعاً ومشروعية تعبيرها، ما جاء عن أبي قتادة أنه قال: كنت لأرى الرؤيا تمرضني حتى سمعت النبي-صلى الله عليه وسلم- يقول: (الرُّؤْيَا الحَسَنَةُ مِنَ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ فَلاَ يُحَدِّثْ بِهِ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ، وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا، وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ، وَلْيَتْفِلْ ثَلاَثًا، وَلاَ يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا، فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ) (أخرجه البخاري، مجلد ٩، ص ٤٣، باب إذا رأى ما يكره فلا يخبر بها ولا يذكرها، رقم ٧٠٤٤)، قد تتأخر الرؤيا فلا يظهر مصداقها إلا بعد سنين عديدة، مشروعية الحذر والأخذ بالحيطة في جميع الأمور وخاصة الهامة منها.. اجتباء الرسل واصطفاؤهم أمر إلهي، لا يتدخل فيه أحد، فالله تعالى أعلم حيث يجعل رسالته. كما أن الشمس والقمر والكواكب زينة السماء الدنيا، كذلك الأنبياء والعلماء زينة الأرض وبهم يهتدي في الظلمات كما يهتدي بالأنوار. الآيات دلالة على صدق نبوة محمد-صلى الله عليه وسلم-حيث قص هذه القصة وهو لم يقرأ كتب الأولين وهو أمي لا يخط، ولا يكتب وهي موافقة لما في الكتب السماوية، دلالة على وحدة الرسالات، وأنها ﴿مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ﴾ سورة: النمل، الآية، ٦. ينظر: أيسر التفاسير لأبي بكر الجزائري ٢/ ١٩٩، وأيضاً التفسير الحديث لدروزة محمد عزت، ٤/ ١١، وأيضاً تفسير المنار محمد رشيد بن علي رضا، ١٢/ ٢١٣.
(٣) مقاتل، مرجع سابق، ٢/ ٣١٨. ابن جرير، مرجع سابق، ١٣/ ١١. أبو السعود، العمادي محمد بن محمد بن مصطفى (ت: ٩٨٢ هـ)، تفسير أبي السعود= إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (بيروت: دار إحياء التراث العربي)، ٤/ ٢٥٣.