واليزيدي عن أبي عمرو، وإذا خفف الهمزة آثر الإدغام، والباقون: بالهمزة، وكذلك أبو عمرو إذا حقق الهمزة، فالهمز على أنه مشتق من تذائب الريح إذا جاءت، من كل جانب، مشبّه بالريح بسرعته وخفته، وترك الهمز على
التخفيف، واختلف في كسر التنوين وضمه من ﴿مُبِينٍ اقْتُلُوا﴾ في الوصل، فقرأ أهل الحرمين والكسائي (١): بالضم، والباقون بالكسر (٢)
، فمن كسر: أتبع الكسر الكسر، ومن ضم: أتبع الضم الضم، لأن الهمزة إذا ابتدأت: كانت مضمومة بضم ثالث الفعل، لأنه من قتل يقتل فكُره الكسرُ ثم الضمُ بعدها.
القولُ في المعنى والتفسيرِ: المعنى - والله أعلم -: قال إخوة يوسف بعضهم لبعض: ﴿اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ﴾ مكانا من الأرض، ﴿يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ﴾، ﴿مِنْ﴾ متعلّقه بيوسف، فإنه
_________
(١) الكسائي، أبو الحسن علي بن حمزة بن عبد الله الأسدي بالولاء، الكوفي، (ت: ١٨٩ هـ) إمام في اللغة والنحو والقراءة من أهل الكوفة. ولد في إحدى قراها. وتوفي بالريّ، عن سبعين عاما، وله تصانيف، منها "معاني القرآن" و" المصادر" و"الحروف" و" القراءات" وغيرهم. ابن خلكان، مرجع سابق، ١/ ٣٣٠. ابن الجزري، غاية النهاية في طبقات القراء، مرجع سابق، ١/ ٥٣٥.
(٢) فائدة: يفهم من ذلك أن ابن عامر يقرأ بالكسر والصواب عنه أن هشاما يقرأ بالضم وأن ابن ذكوان يقرأ بالكسر بخلاف عنه، حيث ذكر القاعدة العامة في هذا الباب (التقاء الحرف الساكن مع الأفعال المبدوءة بهمزة الوصل نحو "مبينٌ اقتلوا".. وقال رحمه الله: (واختلفوا) في: كسر النون وضمها من ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ، وَأَنِ احْكُمْ، وَأَنِ اشْكُرْ﴾ ونحوه الدال من ﴿وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ﴾ والتاء من ﴿وَقَالَتِ اخْرُجْ﴾ والتنوين من ﴿فَتِيلًا انْظُرْ، وَمُتَشَابِهٍ انْظُرُوا، وَعُيُونٍ ادْخُلُوهَا﴾ وشبهه واللام من نحو ﴿قُلِ ادْعُوا، قُلِ انْظُرُوا﴾ والواو من ﴿أَوِ اخْرُجُوا، أَوِ ادْعُوا، أَوِ انْقُصْ﴾ مما اجتمع فيه ساكنان يبتدأ ثانيهما بهمزة مضمومة فقرأ عاصم وحمزة بكسر الساكن الأول وافقهما يعقوب في غير الواو، ووافقه أبو عمرو في غير اللام، وقرأ الباقون بالضم في ذلك كله، واختلف عن ابن ذكوان، وقنبل في التنوين، فروى النقاش عن الأخفش كسره مطلقا حيث أتى، وكذلك نص الحافظ أبو العلاء عن الرملي عن الصوري، وكذلك روى العراقيون عن ابن الأخرم عن الأخفش واستثنى كثير من الأئمة عن ابن الأخرم ﴿بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ﴾ في الأعراف ﴿وَخَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ﴾ في إبراهيم فضم التنوين فيهما، وبذلك قرأ الحافظ أبو عمرو من طريقه، وهو الذي لم يذكر المهدوي وابن شريح غيره، وروى الصوري من طريقيه الضم مطلقا، ولم يستثن شيئا " قلت "، والوجهان صحيحان عن ابن ذكوان من طريقيه رواهما عنه غير واحد- والله أعلم. ابن الجزري، النشر في القراءات العشر، مرجع سابق، ٢/ ٢٢٥.


الصفحة التالية
Icon