عز وجل، والتقدير: ومن الذين أخلصهم الله من كل حال مذمومة للقيام بأمره، وشاهده: ﴿إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ﴾ (١) والخلاف والجمع بين لغتين.
القولُ في المعنى والتفسيرِ:
المعنى والله أعلم: أن امرأة العزيز لما همّت بيوسف، وأرادت مراودته عن نفسه، جعلت تذكر له محاسن نفسه، وتشوقه إلى نفسها، روي عن السدي قال: قالت له: يا يوسف ما أحسن شعرك! قال: هو أول ما ينتثر من جسدي، قالت له: يا يوسف ما أحسن عينيك! قال: هي أول ما تسيل إلى الأرض من جسدي، قالت: يا يوسف ما أحسن وجهك! قال: هو للتراب يأكله، فلم يزل حتى أطعمته، فهمت به وهم بها، فدخلا البيت، وغلقت الأبواب، وذهب ليحل سراويله، فإذا هو بصورة يعقوب قائما في البيت، قد عضّ على إصبعه، يقول: يا يوسف تُوَاقِعُهَا! وإنما مثلك مَا لَمْ يوَاقِعْهَا مَثَل الطَّيْر في جو السماء لا يطاق، وَمَثَلك إن واقعتها مَثَله إذا مات وقع في الأرض لا يستطيع أن يدفع عن نفسه، فربط سراويله، وذهب ليخرج يَشْتَدّ (٢)، فأدركته، فأخذت بمؤخر قميصه من خلفه فخرقته حتى أخرجته منه، وطرحه يوسف واشتد نحو الباب (٣)، ومعنى الهمّ بالشيء: حديث المرء نفسه بمواقعته ما لم يواقع، فأما ما كان من همّ يوسف بالمرأة، وهمّها به فإنه روي عن ابن عباس من طُرق
_________
(١) سورة ص، الآية: (٤٦).
(٢) وَشَدَّ فِي العَدْوِ شَدًّا واشْتَدَّ: أَسْرَعَ وعَدَا. فصل الشين المعجمة، ابن منظور، مرجع سابق، ٣/ ٢٣٤.
(٣) ابن جرير، مرجع سابق، ١٣/ ٨٠. ابن أبي حاتم، مرجع سابق، ٧/ ٢١٢٣. الثعلبي، مرجع سابق، ٥/ ٢١٢.