كأن يكون طالباً ممنوعاً مدفوعاً، فكان ذلك يكون شاهداً على كذبه (١). وقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ﴾ خبر عن زوج المرأة، وهو القائل لها: إن هذا الفعل من كيدكن، أي: من صنيعكن، أي: من صنيع النساء (٢)، ﴿إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ﴾، وقيل: إنه خبر عن الشاهد إنه القائل ذلك (٣).
وقد تضمنت الآيات البيان عما توجبه إخلاص العبادة من الألطاف التي يعتصم بها من المعصية، وإن وقع صاحبها في شدة منازعةٍ، وحال خدعة، والبيان عن ما يوجبه مكر النساء من البهت بطرح الجرم على غير صاحبه، لتبرئة النفس من ذلك، مع إدعاء أن جزاءه السجن، والعذاب الأليم، وهو بمدعيه أحق وله ألزم، والبيان عما يوجبه نفع الاستدلال من تمييز التقي من الفاجر، والحق من الباطل فيما قذف به يوسف-عليه السلام، حتى ظهرت براءته فيما قيل فيه، ونسب إليه، والبيان عما يوجبه دلالة العادة، من أن الذي شق قميصه من دبره، هو الهارب من الأمر، كما أن الذي توجد الضربة في ظهره هو: المنهزم من الحرب، والبيان عما أخرجه البرهان من إضافة الفاحشة إلى غير صاحبها بالبهتان فرُدت على مقترفها، وبرِئَ منها المنزه عنها.
القولُ في الوقفِ والتمامِ:
_________
(١) وبنحوه ابن جرير، مرجع سابق، ١٦/ ٥٩. فائدة: إذ البينة ما يبين الحق من قول، وفعل، ووصف، وجعل الصحابة،-رضي الله عنهم-الحبل علامة وآية على الزنا، فحدوا به المرأة، وإن لم تقر، ولم يشهد عليها أربعة، بل جعلوا الحبل أصدق من الشهادة، وجعلوا رائحة الخمر وقيئه لها آية، وعلامة على شربها، بمنزلة الإقرار والشاهدين. نصر والهلالي، مرجع سابق، ١/ ٣٦٥.
(٢) ابن جرير، مرجع سابق، ١٣/ ١١٣.
(٣) ابن جرير، مرجع سابق، ١٦/ ٦٠. الزجاج، مرجع سابق، ٣/ ١٠١. ابن أبي حاتم، مرجع سابق، ٧/ ٢١٣٠. فائدة: أن البينة ما يبين الحق من قول وفعل ووصف كما جعل الصحابة-رضي الله عنهم-الحبَل علامة وآية على الزنا. نصر والهلالي، مرجع سابق، ١/ ٣٦٥.