يسيرا مما تحرزونه (١)، و ﴿تُحْصِنُونَ﴾ تصيرونه في حصن أي: في حرز قال ابن عباس (٢): تحرزون، وقال السدي (٣): ترفعون وهو ما ينبت.
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ يَاتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ وهذا خبر من يوسف عليه السلام للقوم بما لم يكن في رؤيا مَلِكِهم، ولكنه من علم الغيب الذي آتاه الله وذلك دلالة على نبوته وحجة على صدقه (٤)، قال قتادة: ثم زاده الله علم ما لم يسألوه عنه (٥)، فقال: ﴿ثُمَّ يَاتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ أي: يغاث الناس بالمطر (٦)، وأصل الغيث: القطع (٧) الذي يأتي على شدة حاجة ينفي المضرة، يقال: غاثهم الله يغيثهم غيثا، والكلأ وهو النبات من ماء السماء يسمى: غيثا وجمعه غُيُوث، ﴿وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾ العنب والسمسم وما أشبه ذلك (٨)، قال ابن عباس: يعصرون الأعناب، والدهن (٩)،
_________
(١) ابن جرير، مرجع سابق، ١٦/ ١٢٧.
(٢) فخر الدين الرازي، مرجع سابق، ١٨/ ٤٦٥. القرطبي، مرجع سابق، ١٥/ ١٠٨. الألوسي، مرجع سابق، ١٠/ ١٨٦.
(٣) ابن جرير، مرجع سابق، ١٣/ ١٩٢. البغوي، مرجع سابق، ٢/ ٤٠. الشنقيطي، مرجع سابق، ٢/ ٣٨٤.
(٤) ابن جرير، مرجع سابق، ١٦/ ١٢٨.
(٥) عبدالرزاق، مرجع سابق، ١/ ٣٢٤. ابن جرير، مرجع سابق، ١٦/ ١٢٨.
(٦) ابن جرير، مرجع سابق، ١٦/ ١٢٩. ابن أبي حاتم، مرجع سابق، ٧/ ٢١٥٤ بلفظ: "يغاث الناس بالمطر. فائدة: إن الله يغيث الناس ويفرج عنهم برحمته وفضله ولو شاء لأعنتهم وشق عليهم بحقه وعدله. نصر والهلالي، مرجع سابق، ١/ ٥٦١.
(٧) كذا بالأصل ولعلها "القطع" وفي (د) " النفع". وهي الصواب. والسماء ذات الرجع، ويقال: ذات النفع، والأرض ذات الصدع؛ قال ثعلب: ترجع بالمطر. ابن منظور، مرجع سابق، ٨/ ١٢٠.
(٨) ابن جرير، مرجع سابق، ١٣/ ١٩٤. القيسي، الهداية إلى بلوغ النهاية، مرجع سابق، ٥/ ٣٥٧٩.
(٩) وروى حجاج عن ابن جريح قَالَ: يَعْصِرُونَ الْعِنَبَ خَمْرًا وَالسِّمْسِمَ دُهْنًا، وَالزَّيْتُونَ زَيْتًا. وَقِيلَ: أَرَادَ حَلْبَ الْأَلْبَانِ لِكَثْرَتِهَا، وَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى كَثْرَةِ النَّبَاتِ. القرطبي، مرجع سابق، ٩/ ٢٠٥.