وعهد (١)، ﴿لتَاتُنَّنِي﴾ بأخيكم ﴿إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ﴾ أي: يحيط بجميعكم مالا تقدرون على أن تؤتوني به، وأصله ضرب السور حول الشيء، ومنه يقال: يعلمه علم إحاطة أي: على التحديد، قال قتادة: ﴿إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ﴾ إلا أن تغلبوا حتى لا تطيقوا ذلك (٢)، وقال ابن إسحاق: إلا أن يصيبكم أمر يذهب بكم جميعا، فيكون ذلك عذرا لكم عندي (٣)، والوكيل: القائم بالتدبير (٤)، ويقال لمِ قال موثقا من الله وإنما الموثق من أنفسهم؟ قيل ذلك: لأن المعنى مُوَثَّقاً من جهة إشهاد الله، أو القسم بالله، والموثق بالعقد (٥) بما لا يجوز حله.
وقوله تعالى: ﴿وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ﴾ أي: قال يعقوب لبنيه: لا تدخلوا مصر من طريق واحد، وادخلوها من أبواب متفرقة، وذكر أن قوله ذلك لهم: لأنهم كانوا رجالا، لهم جمال وهيئة، فخاف عليهم إذا دخلوا من طريق واحد وهم ولد رجل واحدٍ العينَ، فأمرهم أن يفترقوا (٦)، روي معنى ذلك: عن قتادة وابن عباس، ومحمد بن كعب القرظي، والسدي، وابن إسحاق، وقولُهُ: ﴿وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ يقول: وما أقدر أن أدفع عنكم من الله من شيء من قضاء الله الذي قضاه عليكم من شيء صغير ولا كبير، لأن قضاءه نافذ (٧)، ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾ أي: ما القضاء والحكم إلا لله دون كل ما سواه، على الله توكلت فوثقت به فيكم وفي حفظكم حتى يردكم
_________
(١) مجاهد، مرجع سابق، ص ٣٩٨. ابن جرير، مرجع سابق، ١٦/ ١٦٣. ابن أبي حاتم، مرجع سابق، ٧/ ٢١٦٧.
(٢) عبدالرزاق، مرجع سابق، ١/ ٣٢٥ عن قتادة. ابن جرير، مرجع سابق، ١٦/ ١٦٤. ابن أبي حاتم، مرجع سابق، ٧/ ٢١٦٧.
(٣) ابن جرير، مرجع سابق، ١٣/ ٢٣٦. ابن أبي حاتم، مرجع سابق، ٧/ ٢١٦٧. الواحدي، مرجع سابق، ٢/ ٦٢١.
(٤) ابن فورك، أبو بكر محمد بن الحسن الأنصاري الأصبهاني، (ت: ٤٠٦ هـ)، تفسير ابن فورك من أول سورة المؤمنون-آخر سورة السجدة، دراسة وت: علال عبد القادر بندويش (ماجستير)، ط ١، (السعودية: جامعة أم القرى، ١٤٣٠ هـ-٢٠٠٩ م)، ٢/ ٨٠. السمعاني أبو المظفر، مرجع سابق، ٣/ ٤٧.
(٥) الكلمة فيها طمس وفي الهامش صوبها الناسخ بكلمة "بالعقد" ولعلها الصواب لاستقامة المعنى.
(٦) ابن جرير، مرجع سابق، ١٦/ ١٦٥. ابن أبي حاتم، مرجع سابق، ٧/ ٢١٦٩. البغوي، مرجع سابق، ٢/ ٥٠٢.
(٧) فائدة: الخوف من العين يلزم منه أخذ الحذر والحيطة، وهذا من القدر كما أن الإصابة بالعين من القدر الكوني، إن الكثرة والجمال من أسباب الإصابة بالعين، إن الحاكم هو الله وحده. نصر والهلالي، مرجع سابق، ١/ ٦٦١.


الصفحة التالية
Icon