رسم الدار فلا حاجة إلى تكلف أن يقال كأنّ ما ذكر يأخذ هذه الألفاظ على التعاقب، وهو متعد بنفسه والنحاة تعدية بعلى إمّا لتضمته معنى التعاقب، أو لحمله عليه لأنه بمعناه ولتوهم بعضهم أنها حروف أيده المصنف رحمه الله بالنقل عن إمامي العربية الخليل وأبي عليّ الفارسي في كتاب الحخة، وتقديم قوله به للاهتمام لا للحصر وان صح، وفيه من علامات الاسم غير ما ذكر وتركه المصنف رحمه الله لظهوره كما ترك قول الزمخشريّ كالإمالة والتفخيم لأنه غنر مسلم اختصاصه بالاسيم، وقد كفانا المصنف مؤنثه، فلا حاجة للجواب عما أورد عليه، والمراد بالحد التعريف الجامع المانع، أو مصطلح أهل المنطق. قوله: (وما روى ابن مسعود إلخ (هذا الحديث رواه عبد الله
بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: " من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف " وروى ابن أبي شيبة والبزار في مسنديهما عن عوف بن مالك أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: " من قرأ حرفاً من كتاب الله كتبت له به حسنة لا أقول ألم حرف وكن الحروف المقطعة الآلف حرف واللام حرف والميم حرف ". قال الحافظ مدار إسناده على موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف ورواه الطبراني في الكبير من غير طريقه ولفظه " من قرأ حرفاً من القرآن كتبت له حسنة ولا أقول ألم ذلك الكتاب حرف ولكن الآلف حرف واللام حرف والميم حرف والذال حرف والكاف حرف " (٣ (. وقال أبو عمرو الداني في كتاب العدد: إنا على صور الكلم في الرسم دون اللفظ ألا ترى أن صورة ألم في الكتابة ثلاثة أحرف، وهي في التلاوة تسعة أحرف، فلو كانت الكلمة إنما تعدّ حروفها على حال استقرارها في اللفظ دون الرسم، لوجب أن يكون لقارىء ألم تسعون حسنة، فلما قال: إنها ثلاثة أحرف ولقارئها ثلاثون حسنة بكل حرف عشر حسنات ثبت انّ حروف الكلمة، إنما تعدّ على صورة الكتابة دون ايلاوة والثواب جار على ذلك اهـ. وأورد عليه صاحب مصاعد النظر أنّ العامل إنما يثاب على أله لا على عمل غيره، فالقارىء يثاب على نطقه بالحروف سواء كتبت أم لا ثبت ما يكتب في الرسم أم لا، وما قاله يلزمه تعطيل بعض الحروف التي نطق بها بلسانه وهو لا يرضاه أحد، فإن ثوابه على بعض عمله دون بعض تحكم والذي يكشف لك معنى الحديث حمل الحرف على الكلمة، ولما رسمت ألم بصورة كلمة واحدة بين في الحديث أنها ثلاث كلمات، فإنّ المنطوق به أسماء الحروف لا مسمياتها، وكل اسم منها كلمة بلا شك، وهذا ما ارتضاه صاحب النشر وهو حسن وبما ذكرناه سقط ما قيل: إن ما ذكره المصنف لم يوجد في كتب الحديث، فإنه مروقي كما في الترمذي والطبراني، وكثير من كتب الحديث وصححه الحاكم وإن كان فيه اختلاف يسير لا يحوجنا إلى القول بأنه رواية بالمعنى. وقوله: (بعشر أمثالها) متعلق بمقدر أي يجازى بعشر إلخ. قوله: (فالمراد به إلخ) هذا خبر ما في قوله ما روي فإنها
موصول اسميّ مرفوع محلاً بالابتداء، والموصول إذا وقع مبتدأ يجوز أن يقرن خبره بالفاء، لكونه في معنى الشرط، كما قرره النحاة، وهذا جواب عن سؤال تقديره إنّ ابن مسعود رضي الله عنه من كبار الصحابة، وأهل اللسان، وقد أطلق عليها الحرف، وهذا مناف لما قلت فأجاب بأنه إنما يعارضه لو قصد به المعنى المصطلح بين النحاة وهو الكلمة الدالة على معنى، حفي غيرها، وليس بمراد بل لا يصح إرادته هنا فإنّ حقيقة الحرف لغة كما قاله الجوهري طرف كل شيء، وواحد حروف التهجي، وحروف المباني التي تركب منها الكلم، وما ذكر هو حروف المعاني واطلاق الحروف عليها عرف جديد أحدثه النحاة بعد العصر الأوّل، فكيف يصح إرادته في الحديث وتفسيره به، ويكون بمعنى الكلمة كما في قول بعض العرب، وقد قيل له: أتقرأ القرآن فقال: والله لا أهجو منه حرفا، أي لا أقرأ منه كلمة كما ذكره الأزهريّ، وان أهمله الجوهريّ، وصاحب القاموس، وهو معنى حقيقيّ أو مجازفي مسموع من العرب أي مجاز مرسل من إطلاق الجزء على الكل، أو استعارة لأنها من الكلام بمنزلة الحرف من الكلمة، وقوله في الأساس من المجاز، هو على حرف من أمره أي طرف لا يعارض ما قاله الجوهرفي، لأنّ حقيقته الطرف الحسي، ولولا هذا الحمل تناقض كلامه. قوله: (فإنّ تخصيص الحرف به (أي بالمعنى الذي اصطلح عليه