والأوّل في هذا جزء من الثاني ومن فيه
للتبعيض انتهى.
فادعاء أنها غير موجودة، أو غير مشهورة مكابرة لمخالفته ما سطر في كتبهم المعوّل
عليها، وفيما ذكره في توجيه كلام الكشف دقة لا يتحملها نظر أهل العربية، ثم إنّ للناظرين في
كلام الشريف وجوهاً شتى كلها خارجة عن قانون العربية، لاقتصارهم على ما لا يغني، ولا يسمن من كلام المتأخرين ولذا أضربنا عنهما صفحا، وأمّا إضافة السورة فحن إضافة المسمى
إلى الاسم كيوم الأحد وهي مشهورة، ثم إنهم أطلقوا كون الإضافة إلى الجزئي بيانية، وهو
مخالف لما صرّح به كثير من المتقدمين والمتأخرين من أنها إنما تكون كذلك إذا كان بينهما عموم وخصوص وجهيّ، كخاتم فضة، فإن كان مطلقاً كمدينة بغداد فهي لامية، وذهب شاوح الهادي إلى أنها بيانية أيضا، ولذا تراهم يجعلون شجر الأراك من الإضافة اللامية تارة، ومن البيانية أخرى، وهذا مما غفل عته كثير من الناس فاحفظه. قوله: (وتسمى أمّ القرآن) عطف على مقذر رأى تسمى بفاتحة، أو على سورة الفاتحة باعتبار المعنى، أو التقدير هذه سورة فاتحة الكتاب وتسمى الخ وعطف الفعلية على الاسمية شائع كعكسه، والمراد بالتسمية وضع العلم لا الإطلاق.
وتال الفاضل الشريف: فاتحة ألكتاب صارت علما بالغلبة للسورة وقد ذكر. في الكشف أيضاً، وفي اجتماع الغلبة والتجوّز نظر مع أنه مناف لما مرّ من النقل قيل: وفيه خفاء أيضاً لأنّ القول بعلمية الجنس ضروريّ لمنع الصرف ونحوه من الأحكام ويجب في العلمية الشخصية تشخص المعنى ولا تشخص هنا، والأصح أن أسماء السور موضوعة لتلك الألفاظ المقروأة، فتكون واحدة بالنوع كما في التلويح وشرح المقاصد إلا أن يقال مثل هذا المؤلف بحسب العرف يعد شخصا، وأمّا جعلها وأمثالها من قبيل أسماء الإشارة في عموم الوضع وخصوص الموضوع له فبعيد جداً، وما ذكر من السبب في عدم اعتباوه فيها من أنها لو كانت موضوعة لشيء من الخصوصيات كانت في غيره مجازيات، وإن كانت موضوعة لكل منها كانت مشتركة بين معان غير محصووة، وإن كانت. موضوعة لمعان كلية لزم كونها مجازات لا حقائق لها، والكل فاسد لا يتاتى هنا إذ قلما تستعمل في شخص، والأكثر استعمالها في الكل، فلا يلزم ما ذكر وتفصيله في شرج الرسالة الوضعية.
، أقول الذي عليه المعوّل في أسماء السور وأسماء الكتب والعلوم، ونحوها أنها أعلام شخصية لتلك الألفاظ المخصوصة لا للصور الذهنية، ولا للنقوس، ولا للمركب منها وهي تعد في العرف شيأ واحدا شخصا، واختلاف اللافظ، وتعدّده كتعدد أمكنة زيد لا يغير تشخصه، لأنها غير معتبرة فيه، ومما يشهد له شهادة يزكيها الاستقراء تسميتها بالجمل ك ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ و ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ﴾ ومثله معهود معروف في الاعلام كتأبط شرّا وبرق نحره وصردر دون اسم الجنس، فإئه وان لم يكن مفقوداً فيها نادر، وأمّا الاسندلال بدخول اللام عليه كالكافية والثافية، فليس بشيء، لأنه ليس مما يستدلّ بمثله، وما قيل من أنّ العلمية الجنسية ضرورية مما تفرّد به الرضيّ، وهو غير مسلم عند النحاة، ودلالة الموصول على ماهية نوعية أو جنسية لا ترد عليه نقضا.
وفي شرح الفوائد العتابية لشيخ مشايخنا أسماء العلوم كأسماء الكتب أعلام أجناس عند
التحقيق وضعت لأنواع وأعراض تتعدد بتعدد محالها القائمة بها كزيد وعمرو، وقد تجعل أعلاما شخصية باعتبار أن المتعدد باعتبار المحل يعد واحداً في العرف، وهو إنما يتتم إذا لم تكن موضوعة للمفهوم الاجماليّ وتردّد السبكيّ في أسماء العلوم هل هي أعلام بالغلبة أو منقولات عرفية كالدابة ورجح الثانية، وسيأتي تتمة لهذا المبحث في تعريف الجلالة الكريمة. قوله: (لأنها مفتتحه ومبدؤه الخ) الأمّ في اللغة الأصل والوالدة ثم أطلق على الفاتحة ومحكم القرآن قال تعالى: ﴿مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [اس عمران: ٧] ومفتتح اسم مفعول أو اسم مكان أو مصدر ميمي، وقال صاحب القاموس في شرح الديباجة المفتتح لغة شائعة فصيحة يقال فتحه وافتتحه نقيض أغلقه، وأمّا المختتم فغير فصيحة، ولا تكاد توجد عند لغويّ ثبت، والمراد به غير الأوّل ولذا عطف عليه قوله ومبدؤه عطفاً تفسيرياً، ولما كان افتتاحه وابتداؤه بها في كتابة المصاحف، أو في التلاوة، أو في الصلاة أو في النزول بناء على أنها أوّل سورة نزلت ويتلوها ما عداها في ذلك جعلت أمّا وأصلاَ له