للجنس متناولاً كل من صمم على كفره تصميما لا يرعوي بعده وغيرهم، ودل على تناوله للمصرّين الحديث عنهم باستواء الإنذار وتركه عليهم اهـ.
وقال قدس سرّه: إذا حمل على الجنس عمّ الكفار إلا أنّ الاخبار عنهم بما يدلّ على الإصرار دال على أن المراد هم المصرّون فقط، فيكون اللفظ عاماً مقصورا على بعض إفراده فإن قيل: كيف يجعله عاما مخصوصاً مع أنه لم يذهب إلى أنّ الجمع المحلى بلام الجنس
للاستغراق حيث قال في قوله تعالى ﴿إِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء﴾ [البقرة: ٢٣١] لا عموم ولا خصوص في النساء ولكنه اسم جنس للإناث من الإنس، وهذه الجنسية معنى قائم في كلهن وفي بعضهن، فجاز أن يراد بالنساء هذا وذاك فإذا قيل لعدتهن علم أنه أطلق على بعضهن وهن المدخول بهن من المعتدّات بالحيض، وقال في قوله تعالى ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨] إنّ اللفظ مطلق في تناول الجنس صالح لكله، وبعضه فجاء في أحد ما يصلح له يعني في ذوات الأقراء كالاسم المشترك قلنا هو لا يمنع صلوحه للعموم بل ظهوره فيه كما ذهب إليه أصحاب الأصول فاختار ههنا أنّ هذا الصالح للعموم مستعمل ومقصور على البعض بواسطة القرينة، ويرد عليه أنه تطويل للمسافة بلا طائل، وزعم بعضهم أنّ المختار عنده هو أنّ مثل هذا الجمع للعموم، وأمّا كونه للإطلاق، فشيء ذكره في بعض مواضع هذا الكتاب، وفيه أنه مناف لما نقلناه من نصه على عدم العموم وأمّا تفسيره للجموع المعرّفة باللام للاستغراق فذلك لاستفادته منها بمعونة المقام، ولا معونة للمقام ههنا، فالصحيح أنه أراد كون الذين كفروا مطلقاً في تناول الجنس صالحا بحسب مفهومه، لأن يراد به كله وبعضه لكن الخبر دلّ على تقييده فقوله متنا ولا إلخ لم يرد به الشمول بل التناول بحسب الإطلاق نظرا إلى اللفظ وحده وإذا اعتبرت القرينة دلت، على تناوله بحسب الإرادة للمصرّين فقط اهـ.
(أقول) فيه خلل لا يخفى، وبيانه يتوقف على تقديم مقدمة في الفرق بين العموم والإطلاق والتخصيص، والتقييد) فالعامّ الفظ يستغرق الصالح له من غير حصر، ويشمل النادر وغير المقصود على الأصح وفخر الإسلام لم يشترط فيه الاستغراق فعرّفه بما ينتظم بعض المسميات (والمطلق) ما دل على فرد شائع وقيل ما دلّ على الماهية بلا قيد، وتوخم بعضهم أنه مرادف للنكرة، وهو خطأ أو تساهل للاعتماد على ظهور المراد (والتخصيض) قصر العامّ على بعض ما صدق عليه (والتقييد) يقرب منه وألفاظ العموم مفصلة في مبسوطات الأصول وفي بعضها اختلاف كالجمع المحلى بالألف واللام، ففي جمع اأجوامع أنّ الجمهور على أنه للعموم خلافا لأبي هاشم من المعتزلة، فإنه ذهب إلى نفي العموم عنه مطلقا، فيكو ١ غ مطلقا عنده ولإمام الحرمين وافادة العموم كما ذكره المصنف في منهاجه تكون بحسب الوضع اللغوي والعرفي والعرف ودلالة العقل والموصول مفردا وجمعا من ألفاظ العموم حتى قال القرافيّ رحمه الله: إنه بالإجماع وليس هو من قبيل الجمع المحلى باللام، فإنّ لامه كبعض حروف الكلمة، وتعريفه ليس بها على الصحيح إذا عرفت هذا فقياس ما هنا على ما ذكره في صريح الجموع في غير هذا المحل لا وجه به، وما صرّح به في كتابه على مذهبه من أنه من المطلق لا من العامّ وتاويله من فضول الفضلاء. وقوله: إنه لا يمنع صلوحه للعموم بل ظهوره فيه أيضاً لا وجه له فإنه لو صلح للعموم كان عاماً وهو مناف لما صرّح به. وقوله: تطويل للمسافة بلا طائل غير متوجه لأنه من ألفاظ العموم، وهو نص فيه فحمل عليه، ثم خص وهو طائل
وأيّ طائل، فإن قلت كيف يكون الخبر مخصصاً إذا سلم فيه العموم والخصوص والأصوليون حصروا المخصص الغير المستقل في الاستثناء والصفة والغاية والبدل والشرط، وقد أوردوا عليه أن تعين المخبر عنه بمفهوم الخبرينافي ما تقرّر من أنّ المخبر عنه لا بذ أن يكون متعينا عند المخاطب إذا حكم عليه ليقيد الكلام فإثبات مفهنوم الخبر له متوقف على تعين المخبر عته عند المخاطب قبل ورود الخبر، فلو توقف تعين المخبر عنده على الخبر لزم الدور حتى قيل إنه من إسناد ما للبعض إلى الكل على حد بنو فلان قتلوا فتيلاَ، والقاتل واحد منهم.
(قلت) أمّا أن يقال على هذا المخصص العقل والاخبار بما ذكر قرينة عليه أو المخصص
عود ضمير خاص عليه من الخبر لا الخبر نفسه، فإنّ أهل الأصول قالوا عود ضمير خاص على العامّ فيه أقواد ثلاثة: فقيل يخصصه وقيل