في شرحه ومثل هذا المعنى وان كان مرادا ولازما إلاً أنه لا يلاحظ في عنوان الموضوع بعد السبك كما لا يلاحظ معنى العاطف، فلا يقال في الترجمة هنا إلاً الإنذار وعدمه سواء من غير نظر إلى التساوي حتى يقال إنه إذا كان تقدير المبتدأ المتساويان يلغو حمل سواء عليه كما لغا سيد الجارية مالكها، فيدفع بأنّ التساوي فيه تساو في علم المستفهم وتساوي المحكوم به في عدم الفائدة في الخارج كما قالوا، ولو. كان ما ذكر لهذا لم يصح ذكره في نحو ما أدري وما أبالي أقمت أم قعدت ولا حمل فيه لسواء، وقد حام حول الحمى المولى الفناري فيما قاله من أنّ التجريد لمعنى الاستواء، لحديث اللغوية على ما يفهم من ظاهر قول المصنف أنه مقرّر، ومؤكد وفيه أنه لا يحصل المقصود بدون الحكم به فإنّ قوله ﴿؟ لأنلرتهم أم لم تنذرهم﴾ بدون سواء لا يفهم منه حقيقته، وما فهمه الشراح من الكشاف أنّ الاستواء الذي تضمنه الهمزة وأم استواء في علم المستفهم وما بعده في نفس الأمر، فالمعنى الإنذاو، وعدمه المستويان في علم المستفهم مستويان في نفس الأمر كما ذكره الرازي، وقال التفتازاني: معناه المستويان في علم المستفهم مستويان في عدم الفائدة، وقال الجمال الأقسراني: إنّ هذا كله تكلف لا يلائمه المقام إذ لا وجه للتعرّض لعلم المستفهم فضلاً عن التعرّض لاستواء الأمرين فيه وإنما الكلام في أنّ الهمزة وأم لما انسلخا عن معنى الإستفهام عن أحد الأمرين، وكانا مستويين في علم المستفهم جعلا مستويين في تعلق الحكم بكليهما، فانتقل قوله أأنذرتهم إلخ عن أن يكون المقصود أحدهما إلى أن يكون المراد كليهما، وهذا معنى الاستواء الموجود فيه فالحكم بالاسنواء في عدم النفع لم يحصل إلا من قوله ﴿سَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ﴾ وظفرت بمثله عن أبي عليّ الفارسي اهـ.
وقال قدس سرّه: إن صاحب الكشاف أراد أنّ هذا معناهما في أصلهما ليظهر تضمنهما للاسنواء فيصح الحكم بتجريدهما لا أنّ الاستواء في علم المستفهم مقصود هنا كيف، وهما بعد التجريد لم يقعا في كلام مستفهم، وقيل أراد به أنّ الاستواء الذي جرّدتا له استواؤهما في علم المستفهم عند استعمالهما في الإستفهام وهنا قد ذهب، وبقي الاستواء في العلم وهذا أقرب إلى الحقيقة وأليق بقولهم جرّدتا لمعنى الاستواء منسلخاً عنهما الإستفهام لاقتضائه أنّ المراد بالاستواء هو الذي كان والاً لم يكن تجريداً، والمستفاد من سواء الاستواء فيما سيق الكلام له كأنه قيل المستوياظ في علمك مستويان في عدم الجدوى، وهذا معنى ما نقل عن المصنف ومحصوله من أنّ هنا سؤالاً مقدرا وقع هذا عقبه فلأشير إلى الاستواء في علم ذلك المستفهم كأنه سال ربه لأنذرتهم أم لا، وعن أبي عليّ رحمه الله أنّ الفعلين مع الحرفين في تأويل اسمين معطوفين بالواو وهما الواقعان موقع الفاعل أو المبتدأ، ثم اختار أنّ سواء خبر
مبتدأ محذوف أي الأمران سواء عليّ ثم بينهما بقوله أقمت أم قعدت، والفعلان في مة ضى الشرط والاسمية قبله دالة على جوابه أي إن قمت أو قعدت فالأمران سواء.
ولذا كان الماضي في معنى المستقبل لتضمن معنى الشرط، واستهجن الأخفش كما في الحجة أن يقع بعدهما جملة ابتدائية ولولا تقدم الفعلية في قوله تعالى ﴿سَوَاء عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صَامِتُونَ﴾ [الأعراف: ١٩٣] لم يجز واستقبح المضارع بعدهما أيضا ويؤيده أنه في التنزيل ماض، وإنما أفادت الهمزة الشرط لأن ان في المفروض! في الأغلب والإستفهام يستعمل فيما لم يتيقن فقامت مقامهما، ولذا جعلت أم بمعنى أو لأنها مثلها في إفادة أحد الشيئين ط ومما يرشد إلى أنّ سواء في مقام جواب ال! شرط لا خبر أنّ معنى سواء أقمت أم قعدت ولا أبالي معنى واحد وليس خبراً فيه ب!، بمعنى إن قمت أو قعدت لا أبالي بهما وكذا قوله:
سيان عندي إن برّوا وإن فجروا ~ فليس يجري على أمثالهم قلم
وانما اختصت الهمزة وأم في التسوية بما بعد سواء وما أبالي وما يجري مجراهما، لأنّ المراد التسوية في الشرط بين أمرين، فاشترط فيما يقع خبرا أن يشتمل على معنى الاستواء قضاء لحق المناسبة ولذا وجب تكرير الشرط وعلى هذا الجملة الشرطية خبر إنّ اهـ.
(أقول) قد عرفت المراد بالتسوية هنا على وجه يزيل هذه التكلفات، وأنّ قولهم التجريد يوهم أنه مجاز مرسل استعمل فيه الكل في جزئه، وهو


الصفحة التالية
Icon