الشاة وإن لم تذبح، فمثله لا يسمى مذبوحا حقيقة، وان أراد بعد تعلق الذبح به، فكونه لا يليه في الوجود غير مسلم إذ المذبوح من حيث هو مذبوح تال له بلا مرية، فإن قلت مقدّرات القرآن هل هي منه حتى يطلق عليها كلام الله أم لا قلت: معانيها مما يدل عليها لفظ الكتاب التزاما للزومها في متعارف اللسان فهي من المعاني القرآنية، وأمّا ألفاظها فليست منه لأنها معدومة، ومنها ما لا يجوز التلفظ به أصلاً كالضمائر المستترة وجوبا، وأمّا جعلها مقدرة فامر اصطلاحي ادّعاه النحاة تقريبا للفهم، فانظره فإنه من الحور المقصورات في الخيام، ثم إنّ في جريان هذا التقدير على القول بأنها آية فذة، ولذا وقف عليها بعض القراء نظر أو بتفسير ما يتلوها بما مر مما قصد جعله تالياً لها، وجعلت مبدأ له، وان كان يقارنه غيره سقط ما قيل من أنّ الذي يتلوها، كما وقع عليه القراءة وقع كثير من الأفعال، ككونه ملفوظا ومحدثا ومؤلفا وغير ذلك، والمراد بقوله: كل فاعل الفاعل الذي جعل التسمية مبدأ لفعله بقرينة السياق لسقوط غيره عن درجة الاعتبار، والمراد بالإضمار معناه اللغوي أي أنّ كل فاعل يتصوّر ما هو بصدده من الأفعال، فالظاهر أن يقدر بحسب الصناعة ما يليق به، فلا يرد عليه ما قيل لا نسلم أنّ كل فاعل يضمر اللفظ المذكور بل يقصد المعنى، وينويه ولا حاجة إلى الجواب: بأن النفس تعوّدت ملاحظة المعاني، وأخذها من الألفاظ حتى تناجي نفسها بألفاظ متخيلة كما نقله السيد عن ابن سينا، وان كان هذا أمراً عقليا وجدانياً لا منطقيا اصطلاحيا كما توهم، ثم اختار مقروّا على متلوّ مع ما فيه من التجنيس حتى قيل: إنّ تقديره أحسن لما فيه من الإبهام المشوس لذهن السامع فما اختاره أظهر، وبمقام التفسير أنسب قوله:) وكذب يضمر الخ) أي كالقارىء الذي يضمر القراءة التي جعلت التسمية مبدأ لها يضمر الخ، وهذا تتميم للفائدة بوضع قاعدة مطردة كلية في تقدير كل متعلق باسم الله، وقد تبع ١٠ لمصنف في هذه العبارة الزمخشري، وفيها تسامح كما في عامة حواشيه، فإنّ التسمية جعلت مبدأ للفعل الحقيقي كالقراءة والحلول والإرتحال، والمضمر الفعل النحوي الدال عليه فلا بد من تقدير في الكلام في آخره بأن يقدر ما جعل التسمية مبدأ لمعناه أي معنى مصدره، وهو معناه التضمني أو في أوّله بأن يقدر لفظ ما تجعل التسمية مبدأ له وهذا مختار الشريف تبعا للشارح المحقق، وتبعه المحشون للكشاف وهذا الكتاب، وقد قيل عليه إنّ اعتبار الحذف قبل مسيس الحاجة إليه غير مرضي وهنا كما يحتمل أن يكون المراد بكلمة ما في عبارتهم المذكورة المعنى يحتمل أن يكون اللفظ، ووقوعها بعد قوله يضمر الخ يقتضي الثاني، فالأول الحمل عليه بلا تقدير، فإذا جاء قوله ما جعل التسمية الخ مست الحاجة للتقدير فيقدر فيه معنى، ويؤيده أنّ ما جعل التسمية مبدأ له الفعل الحقيقي أي القراءة، والمضمر فعل اصطلاحي، وهو أقرأ والقول بأن أقرأ لفظ للقراءة، كما اقتضاه تقديرهم غير متعارف بخلاف القول بأن القراءة معنى أقرأ
اللازم لتقديرنا، فإن معنى اللفظ يراد به المعنى التضمني كثيرا، وقيل عليه أيضا إن هذا الإضمار إنما يحسن لو كان المقدر مصدراً، وقد يقال يجوز أن يراد بالإضمار الإخفاء في القلب لا الحذف، فيتعلق بالمعنى لكنه لا يلائم المشبه به، أو يجعل ما مفعولاً لفاعل، وفيه أنّ المقصود بالبيان التقدير، ولم يحصل إلا أن يقال علم من التشبيه، وقد يوجه بالاستخدام بأن يراد بلفظ ما اللفظ وبضميرة المعنى.
(أقول) : ما ذهب إليه الشراح هو الأظهر، وكونه قثل الاحتياج إليه أمر سهل، فإنّ المبادرة إلى الإصلاح أصلح وأوضح، واذا كان جزء المعنى يطلق عليه معنى فلا بعد في جعل اللفظ له، وما ذكر من كون المقدّر مصدرا غير صحيح لما عرفت من أنه معنى تضمني لا مطابقي، فإن قلت: الذابح مثلاً إذا ذكر البسملة يريد التيمن بالقرآن وتقدير أذبح لا يناسب كونها قرآنا، وتقدير أقرأ لا يناسب فعله قلت: هذا تخيل فاسد تخيله بعض الناس، وليس بشيء، فإن كالاقتباس لفظه منقول من لفظ القرآن إلى معنى آخر كما نبه عليه علماء البديع، فإن قلت كيف قيل هنا بالاستخدام، وتعريفه لا يصدق عليه، لأنه ليس هنا معنيان برجع الضمير لأحدهما قلت: هو كقولك بعته بدرهم ونصفه، وسيأتي بيانه في قوله تعالى: ﴿وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ﴾ [فاطر: اا] الآية ولفظ ما عام عموما بدليا، وقد أريد به أحد ما يصدق علبه، وأرجع إليه الضمير باعتبار الآخر مع أن


الصفحة التالية
Icon