كان ادّعاؤه الإيمان بالله نفاقاً لم يكن عارفاً بالله ولا بصفاته، ولا أنّ لذاته تعلقاً بكل معلوم، ولا أنه غنيّ عن فعل القبائح فلم يبعد من مثله تجويز أن يكون الله في زعمه مخدوعا! ومصابا /. بالمكروه من وجه خفيّ، ويجوز أن يدلس على عباده، ويخدعهم لأنه في غاية البعد إذ لا ينكر جاهل علم الله تعالى بجميع الأشياء، حتى المشركون الجاهلون، فكيف يخفى على المنافقين الذين هم من أهل الكتاب، فإن قلت: الحكماء عقلاء وقد ذهبوا إلى أنّ علم الله تعالى لا يتعلق بالجزئيات قلت: الحكماء لا يقولون بهذا، كما نص عليه الطوسي ولو سلم فحينئذ لا يتصوّر الخديعة لأنها فرع العلم بالجزئيات مع ما في. قؤله لأنّ لذته تعالقاً بكل معلوم من! إلاعتزال لإسناده العلم لذاته أ! ماء ففي صفة العلم، فهو من دس السمّ في الدسم، وقد سبقه لهذا بعض المدققين وقال إصابته تعالى بالمكروه للخداع بعيدة جداً إذ في نفافهم اعتراف بعلمه تعالى بالأقوال الظاهرة الجزئية المفضية إلى ما هو تاعث على الخداع من جلب المنافع، ودفع المضار، فلا يتصوّر هذا منهم، وبالجملة ففساد هذا الجواب أظهر من أن يخفى،. ولذا أسقطه المصنف زحمه الله، وان لم يتنبه له بعض أرباب الحواضي. قوله: (بل المراد إما مخادعة رسوله صلى الله عليه وسلّم على حذف المضاف) قيل: إنه نبه بقوله حذف المضاف على أنه لا يصح أن يراد بلفظ الله ورسوله مجازاً، كما هو ظاهر عبارة الكشاف، لأنه لا يصح إطلاق لفظ الله على غيره، ولو " نجازاً كما صرّحوا
(قلت أليس الأمر كما زعمه فإنّ صاحب الكشاف لم يرد ما قاله، كما أوضحه شرّاحه،
وما في الكشاف بعيته هو بعينه ما ذكره المصنف بقوله، أو على أنّ معاملة الرسول صلى الله عليه وسبم معاملة الله وهو ت! جوّز في الإسناد لا في لفظة الله، كما سنقصه عليك وبعض الناس لم يفرق نجين الجوابين، فذكر كلام الراغب في تقرير الجواب الآتي هنا، وليس هذا من أوّل طبخه للحبوب. قوله: (أو على أنّ معاملة الوسول صئى الله عليه وسنم إلخ الا بأن يطلق مجازاً لفظ الجلالة الكريمة على الرسول صلّى الله عليه وسلّم لما سمعتة آنفاً بل بالتجوّز في النسبة الإيقاعية لأنه يجري فيها، كما يجري في الإسنادية على ما تقرّر في المعاني، فإن قلت ظاهر كلامه أنّ هذين الوجهين يبتنيان على أن يخادعون ليس بمعنى يخدعون لقوله بعده ويحتمل إلخ وليس كذلك إذ لا خاع من الرسول، ولا من المؤمنين ولا مجال لأن يكون الخاع من أحد الجانبين حقيقة، ومن الآخر مجازا لاتحاد اللفظ، وان جعل مجازا منهما لم يبق إلاً الاحتبال الذي في قوله: وامّ أنّ صورة صنيعهم إلخ كما قيل: قلت: هذا مقتضى كلام الكشاف، والمصنف رحمه الله لا يسلمه إمّا بناء على أنّ اللفظ الواحد يجوز أن يكون حقيقة ومجازاً عنده، لأنه ممن يجوّز الجمع بين الحقيقة والمجاز، وامّا على أنه حقيقة لأنّ الخدع من
المنافقين محقق، ولا مانع من صدوره من الرسول صلى الله عليه وسقم، والمؤمنين بإغفالهم حتى يتأتى لهم ما يريدون منهم، ولذا أسقط قوله في الكشاف: والمؤمنون وإن جاز أن يخدعوا لم يجز أن يخدعوا ألا ترى إلى قوله:
واستمفروا من قريش كل منخاع
إلخ وهذان جوابان باعتبارين وجواب واحد باعتبار آخر فلا بأس بعدّهما وجهين ولا
سهو فيه كما توهم وما وقع في بعض الحواشي من أنّ هذا الوجه من إطلاق اسم المسبب على السبب فليس بشيء. قوله: (كما قال ﴿مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ﴾ [النساء: ٨٠] إلخ) هذا تأييد لكونه خليفة الله ولكون معاملة الرسول ﷺ معاملة مع الله، لأنّ كل ما يتعلق بالرسول ﷺ عائد بالآخرة إلى الله وإلى دينه، ولا يرد عليه أنّ إطاعة الرسول ﷺ تستلزم إطاعة الله ومبايعته ﷺ تستلزم مبايعة الله، لأنهم إذا عاهدوا الرسول صلى الله عليه وسلّم أن يعاونوه فقد عاهدوا الله أن يؤيدوا ديته كما توهم، فإن قلت: الإسناد في جانب المشبه عقليّ، وفي جانب المشبه به حقيقيّ لأنّ إطاعة الرسول صلى الله عليه وسلّم إطاعة الله حقيقة. قلت: التشبيه باعتبار ظاهر المشبه وهو ادّعاء الاتحاد بينهما مبالغة فتدبر. قوله: (وإمّا أنّ صورة صنيعهم إلخ) يعني أنّ هذا فعل صادر عنهم بالقياس إلى الله والمؤمنين يشبه الخدع بحسب الصورة وكذا الحال في صنع الله والمؤمنين معهم، فبينهم من الجانبين معاملة شبيهة بالمخادعة، فهو إمّا استعارة تبعية في لفظ يخادعون وحده أو تمثيلية في الجملة، وما قيل من أنه ليس فيه اعتبار هيئة مركبة من الجانبين، وما يجري فيهما مشبهة بهيئة أخرى مركبة من


الصفحة التالية
Icon