الله عليه وسئم، وذكر الله للإشعار بأنّ الرسول صلى الله عليه وسلّم من الله بمنزلة عظيمة، واختصاص قوي حتى سرى الإرضاء ت ٤ إليه، وأمّا ما قيل على هذا التوجيه من أنه لا يرتضيه الذوق السليم، لأنّ مقتضى المقام إيراد حالهم خاصة، وتصويرها بما يليق بها من الصورة المستهجنة، وبيان أنّ غائلتها آيلة إليهم من حيث لا يحتسبون كما يعرب عته ما بعده، فهو من أحاديث خرافة لأنّ استدراج الله لهم، ومجازاة الرسول صلّى الله عليه وسلم والمؤمنين مما يختص بهم، ويؤل بالآخرة إلى بيان سوء حالهم، كما لا يخفى فتدبر. قوله: (ويحتمل أن يراد إلخ) هذه الجملة معطوفة على ما تقدّم من قوله، والمخادعة تكون بين اثنين، وهو ظاهر قيل، وعلى هذا لا يحتاج إلى تأويل خداع الله تعالى، أو المؤمنين بما مرّ، فإن أراد أنه جواب عن سؤال المخادعة ووجه رابع، فليس كذلك إذ السؤال وارد على هذا التقدير، والجواب الجواب، وجعله بيانا أو استئنافا غير مختص بهذا الاحتمال كما لا يخفى، وقيل: إنه مقابل لما سبق، لأنه لا باس بخداع الرسول صلّى الله عليه وسلّم والمؤمنين إياهم لإعلاء الدين ومصالحه، ويحتم أنه تتميم لما قبله، فليس بمقابل له، وهو الظاهر الموافق لما في الكشاف، فلا مخالفة بينهما، وستسمع عن قريب ما يتممه. قوله: (لأنه بيان لبقول إلخ) المراد بالبيان التفسير فعلى كلا الوجهين لا محل لهذه الجملة من الإعراب، وليس المراد بالبيان عطف البيان، لأنه لا يجري في الجمل عند النحاة، وان كان كلام أهل المعاني في الفصل والوصل يوهمه، والاستئناف هنا استئناف بيانيّ في جواب سؤال مقدر كأنه قيل لم يدعون الإيمان كاذبين وما نفعهم في ذلك فقيل: يخادعون إلخ. وعلى تقدير السؤال هو أيضاً مبين، فالمآل واحد فيهما والمناسبة تامّة لكون يخادعون بمعنى يخدعون، لاختصاصهم به كاختصاص القول المذكوو، وان كان لا بقاء المخادعة على ظاهرها وجه أيضاً، لأنّ ابتداء الفعل في باب المفاعلة من جانب الفاعل وهو صريحه، وإن كان المفعول يأتي بمثل فعله، فهو مدلول عليه من عرض الكلام.
وقال قدس سرّه تبعاً للمدقق في الكشف: جعل يخادعون بيانا ليقول أولى من جعله مستأنفاً لأنه إيضاح لما سبق، وتصريح بأنّ اقولهم كان مجرّد خداع، وأيضاً ليست المخادعة أمرا مطلوبا لذاته فلا يكون الجواب شافياً بل يحتاج إلى سؤال آخر كما ذكره، وتعبير. بيجوز وما بعده ناطق بها، وما قيل: من أنه بيان للتعجب من كونهم من الناس لا يخفي ما فيه كما يعلم مما مرّ، وقد جوّز في البحر كون هذه الجملة بدلا من صلة من بدق اشتمال، فلا محل لها أيضاً أو حالا من الضمير المستكن في يقول! لي. مخادعين، وأجاز أبو البقاء أن تكون حالا من الضمير المستتر في مؤمنين، والعامل فيها اسم الفاعل، ويرد بأنه حينئذ نظير ما زيد أقبل ضاحكاً وللعرب في مثله طريقان أحدهما نفي القيد وحده، واثبات أصل الفعل، وهو الأكثر فيكون الإقبال ثابتا والضحك منفيا، ولا يتصوّر في الآية نفي الخداع، وثبوت الإيمان والثاني أن ينتفي القيد ومقيده، وهو العاملءفالمعنى لم يقبل ولم يضحك، وهذا غير مراد هنا أيضاً أعني نفي الإيم! الط! والخداع معا بل المعنى على نفي الإيمان، وثبوت الخداع ففسد جعلها حالا من ضمير المؤمنين والع! جب من أبي البقاء رحمه الله كيف استشعر هذا الإشكال، فمنع من جعل هذه الجملة في محل جرّ صفة مؤ! نيق،! لأنه يوجب نفي خداعهم والمعنى على إثباته، ثم جعلها حالا من ضمير المؤمنين ولا فرق بين الحال والصفة كما قيل..
(أقول) هذا غفلة منهم فإنّ الجملة الحالية بل الحال مطلقاً إذا وقعت بعد نفي، وهي
حال من مدخوله إنما يلزم انتفاء مقارنتها لا نفيها نفسها لأنه لا يلزم من نفي الشيء في حال نفي تلك الحال ألا تراك تقول ما جاءني! زيد " وقد طلع الفجر، فينتفي مجيئه مقارناً لطلوعه ولا يقصد نفي طلوعه، وتعتذر لترك زيارة صديقك لضيق ذات يده، فتقول لا أزورك مملقاً ولا أرى هذا يثتبه على أحد وفي الكتاب المجيد ﴿وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ [الأنفال: ٣٣] وهي حالية جوزوا فيها الوجهين، والعجب من هؤلاء أنهم صرّحوا بهذا في سورة الأنفال من غير تردّد فيه، وأمّا الصفة فليس لها مثل هذه الحال، س وما ذكروه من الوجهين جار فيها، ولا يجري في كل قيد وقد تجعل الحال ونحوها في مثله قيدا للنفي لا للمنفيّ، كما قرّروه في قوله ألم أبالغ في اختصاره تقريباً، ومنه ا! لم تضيق مثل هذه الضابطة، وأنها ليست على إطلاقها، كما توهم وسيأتي في سورة آل عمران تفصيله. قوله: (بذكر