في الإسناد المجازي أن يكون للفعل فاعل يكون الإسناد إليه حقيقة مثل:
يزيدك وجهه حسنا إذا ما زدته نظرا
وتابعه قدّس سرّه عليه، وأومأ إلى تأييده فقال هو إسناد مجازي سواء فسر المرض بالكفر، أو الحسد والغل، أو الضعف والخور كما صرحت به عبارته، وان جاز إسناد زيادة المعنى الأخير إلى الله تعالى حقيقة على رأبه أيضاً، والمراد بالمعنى الأخير الجبن والخور لا الحسد كما توهمه بعضهم فقال عدم كون حسد نبيّ الله صلى الله عليه وسلّم والمؤمنين بطلب زوال ما أنعم الله به عليهم قبيحاً غير صحيح، وهو غفلة عن مرادهم نعم يرد عليه ما قيل من أنّ الظاهر أنّ الحسد كما هو قبيح، فكذا الجبن والخور، لأنّ كلا منهما من الملكات الرديئة المستلزمة للأثار الغير السنية، فالفرق بينهما بأنّ الأوّل قبيح والثاني حسن حتى جاز إسناد الأخير إليه تعالى دون السابق تحكم إلا أنّ الأخير قد يترتب عليه آثار حسنة بالنظر إلى النبيّ صلى الله عليه وسلّم والمؤمنين كتباعد الكفار عن محاربتهم ونحوه اهـ. فعلم أنّ ما ذكر ليس مبنيا على الاعتزال، وان خفي على كثير من الناس، ونطاق البيان يقصر عنه هنا، وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى، وأمّا ما قيل من أنّ ما ذكره المصنف جواب عما يقال من أنّ المسند إلى الله تعالى زيادة مرضهم وهو صحيح بالنظر إلى الطبع دون ازدياد التكاليف وأخويه لأنّ الزائد يجب أن يكون من جنس المزيد عليه، أو ملائماً له وتقريره أنّ المراد بإسناد زيادة مرضهم إليه تعالى ليس إسنادا للزيادة من حيث نفسها بل من حيث أنها مسببة عن فعله تعالى وهو ما ذكر من ازدياد التكاليف، وما بعده فإنّ كلا منهما سبب لزيادة مرضهم على ما مرّ إلى آخر ما أطال به
من غير طائل وتبعه من بعده ممن كتب على هذا الكتاب، من غير فرق بين البحر والسراب وضمير أنه للزيادة مراعاة للخبر أو نظراً لأنها بمعنى الازدياد أو لعدم الاعتداد بتأنيث المصادر، ولا فرق بين ما ذكره المصنف رحمه الله، والزمخشريّ على ما يتوهم من تغيير العبارة فتدبر. قوله: (ويحتمل أن يرادب لمرض إلخ) احتمل معناه الحقيقي العفو والإغضاء، وفي اصطلاح المصنفين يستعمل بمعنى الجواز فيكون لازما وبمعنى الاقتضاء، والتضمن فيكون متعدياً مثل إحتمل أن يكون كذا، واحتمل الحال وجوهاً كثيرة وتداخل كيدخل بمعنى دخل بطريق التعانب، والتف ريج ولذا اختاره على دخل مع أنه أخصر وأظهر، والجبن ضعف القلب عما يحق أن يقوى فيه، ورجل جبان وامرأة جبان، والخور بخاء معجمة وواو وراء مهملة أصله رخاوة في العصب ونحوه، ثم تجوّز به عن الجبن وشاع فيه حتى صار حقيقة عرفية فيه والشوكة معروفة وتستعار لهلقوّة في الحرب فيقال: فلان ذو شوكة ومنه شاكي السلاح على قول كأنهم شبهوا الأسلحة بالشوك ولذا قيل:
ورد الخدود ودونه شوك القنا أبداً بغير لحاف لا يجتنى
والبسط التوسعة كما قال تعالى ﴿؟ ولو تج! ط القة الرزق لعبا؟ هـ﴾ [الشورى: ٢٧]
أي وسعه فالتبسط في البلاد بمعنى سعة ممالكهم أو انتثارهم فيها وهدّا معنى آخر مجازيّ، لكنه قريب إلى معناه الحقيقي جداً لأنّ الجبن وضعف القلب أخوان. قوله: (أي مؤلم إلخ) ذهب أرباب الحواشي هنا إلى أنّ مؤلم بفتح اللام اسم مفعول من الإيلام المزيد لأنه الموافق لما في الكشاف ولأنه الأبلغ لجعل العذاب نفسه متألماً، ومعذبا بزنة المفول ولو كان بالكسر كما ذهب إليه بعضهم لم يكن فيه تجوّز في الإسناد كجد جده فلا يوافق أوّل كلامه آخره وليس بشيء فإنّ الكسر إن لم يتعين لا شبهة في صحته كما ذكره بعض فضلاء العصر في حواشيه فيكون ما فسره به المصنف، أولا بيانا لحاصل المعنى المراد منه، ثم صرّح بقوله يقال ألم إلخ إشارة إلى أنه فعيل من ألم الثلاثي كوجيع من وجع فإنه الفصيح المطرد، وفعيل بمعنى مفعل ليس بثبت عند الزمخشريّ والمصنف، وان خالفه فيه لا يمكنه أن ينكر قلته، وعدم إطراده كما ستسمعه مفصلاَ عن قريب في تفسير قوله تعالى ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [البقرة: ١٧ ا] ولا حاجة إلى ارتكابه ليكون المعنى أبلغ لأنه إذا جعل الإسناد مجازياً رجع بالآخرة إلى
صرب وجيع) هو من قصيدة طويلة لعمرو بن


الصفحة التالية
Icon