أما والذي أبكى وأضحك والذي أمات وأحيا والذي أمره الأمر
لقد كنت آتيها وفي النفس هجرها بتاتا لأخرى الدهر ما طلع الفجر
٥١٥
وما هو إلا أن أراها فجاءة فأبهت لا عرف لديّ ولا نكر
والدّي ذكره السعد هو المرويّ في الفضليات وشعر هذيل، ولولا خوف الإطالة أوردت القصيدة بتمامها والطلائع جمع طليعة، وأصلها مقدمة الجيش التي تطلع قبله، وهو استعارة أو مجاز مرسل لمطلق المقدم أريد به هنا أنها تقع قبل القسم، كما في البيت المذكور ونظائره. قوله: (وتعريف الخبر إلخ) هو وما عطف عليه مجرور لما مرّ.
ووجه المبالغة على ما قالوه إنّ الأوّل يفيد حصر المسند إليه في المسند، والثاني يفيد
تأكيد هذا الحصر، وهذا وإن كان مناسباً لردّ دعواهم الكاذبة، فإنهم لما قصروا أنفسهم على الإصلاح قصر إفراد ناسب في ردّهم أن يقصروا على الإفساد قصر قلب فهم مقصورون على الإفساد لا حظ لهم في الإصلاح، وأورد عليه أنّ تعريف الخبر بلام الجنس يفيد حصر المسند إليه في المسند، كما في المفتاح والمشهور أنّ ضمير الفصل يفيده أيضا أو يؤكده.
وأجيب بأنّ تعريف المسند يفيد حصر المسند إليه فيه كما ذكره الزمخشرفي في الفائق في
قوله " إنّ الله هو الدهر " وان ردّ بأنه إنما ورد للنهي عن سبّ الدهر (١) وهو يقتضي أن يقال إن الدهر الذي يظن أنه جالب الحوادث لا يجاوز الله لا أنّ الله لا يب، وزه كما لا يخفى، وقيل: إنّ الوجه أن يقال إنّ المبالغة في تعريف المفسدين على قياس ما مرّ في المفلحين من أنه إن حصلت صفة المفسدين وتحققوا ما هم، وتصوّروا بصورهم، فالمنافقون هم هم لا يعدون تلك الحقيقة، فالفصل مؤكد لنسبة الاتحاد الذي هو أقوى من القصر في إفادة المقصود، ولما مرّ من الإشكال عدل المصنف رحمه الله عما في الكشاف من قوله ردّ الله ما ادّعوه من الانتظام في جملة المصلحين أبلغ ردّ وأدله على سخط عظيم وجعله ردّاً لما في قولهم من التعريض للمؤمنين كأنهم قالوا أنتم المفسدون وقصروا الإفساد على المؤمنين فأجيبوا بقصره عليهم، وهذا مستفاد من مساق الكلام في مقام الجدال ومن فحواه فلا يتوهم أنّ التعريض إنما يستفاد منه لو قيل إنما المصلحون نحن. قوله: (والاستدراك بلا يشعرون) فإن قلت لم ذكر ما يشعرون بعد يخادعون بدون استدراك وههنا به.
قلت المخادعة تقتضي في الجملة الإخفاء وعدم الشعور بخلاف ما هنا فانهم لما نهوا
عما تعاطوه من الفساد فأجابوا بادّعاء أنهم على خلافه وأخبر تعالى بفسادهم كانوا حقيقين بالعلم به مع أنهبم ليسوا كذلك فكان محلا للاستدراك لأنه يقع بين الأمور المتخالفة، وما يقال
لما يذمّ من أفسد عن علم والجواب لا يشعرون} أنّ أمرهم يظهر للنبيّ لهم مفسدون فقوله {؟ ألا إنهم هم الفساد صلاحا أو المراد أنهم لا كما ذكره السمرقنديّ في تفسيره. ل! مكن منه مذموم أيضاً، بل قد يقال ٥ الآية حجة على المعتزلة في أنّ للزم بدون المعرفة، فإنّ الله أخبر أنّ حصقة العلم شرطا للتكليف، ولا علم عنه، فإذا لم يكن النهي قائما عليهم ليام آلة العلم، والتمكن من المعرفة عة على مسئلة مقارنة القدرة للفعل ممام النصح والإرشاد إلخ) فيه إشارة لطهر منه أنّ القائل المؤمنون لا الله شارة إلى التخلية بالخاء المعجمة على أنّ الأعمال داخلة في كمال###


الصفحة التالية
Icon