المفعول ثم قال: ويحتمل أن تكون الإضافة للفاعل، وتبعه القائل بأن إضافة اللزوم للمفعول، فالحرفية والجر ملزومة واللازم الباء ولم يضف اللزوم للباء إذ بعد إضافته إليها لا
يحس القصر عليها لأنه لا يتصور أن يتجاوز لزوم الباء إياهما عن الباء، فيحتاج إلى التكنف والتجريد عن تلك الإضافة بأن يراد أنّ عدم الإنفكاك عن الأمرين مقصور على الباء، وقيل: إلى الفاعل ونظيره ما ضرب زيد إلا لعمرو، وهو من قصر الفعل المسند إلى الفاعل على المفعول، وردّ بأن القصر منحصر في قصر الموصوف على الصفة، والصفة على الموصوف، والضرب المسند إلى زيد وإن اعتبر تعلقه بالمفعول ليس صفة لعمرو وإلا أن يقال: إنّ الضرب المذكور صفة لزيد لكنه بحسب تعلقه بعمر ويحصل له صفة اعتبارية، كما في الوصف بحال المتعلق والقصر باعتباره، وسيأني ما في الاختصاص الذي زاده المصنف رحمه الله، وقد أجيب عما ذكر من اللزوم بأنّ المراد باللازم للشيء هنا ما لا يفارقه كما يدل عليه تقسيمهم العارض إلى لازم ومفارق، ومعنى عدم مفارقة شيء لآخر أن لا يوجد الثاني بدونه لا العكس، ولذا صح انقسام اللازم إلى الأعم والمساوي، وكتب اللغة ناطقة به كما في الصحاح والأساس وعليه قوله تعالى: ﴿وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى﴾ [الفتح: ٢٦] فمرجع اللزوم لغة إلى عدم الإنفكاك، وهم يقولون لزم فلان بيته إذا لم يفارقه، فلا يخلو البيت منه، ويلزمه عدم خروجه عنه، وهو معنى كنائيّ، ومنه قولهم أم المتصلة لازمة لهمزة الإستفهام فمن قال: إنّ ما ذكر معنى اللازم الاصطلاحي، وله معنى آخر لغويّ فقد وهم، وما قيل: إنّ ما ذكر لا يدفع الإعتراض، وإن الصواب في دفعه أن يقال: إنّ اللازم بمعنى الملزوم مجازا مبالغة في اللزوم، وقد نبه عليه السعد بتفسيره لازمة بملاصقة غير منفكة عنهما، فلا توجد بدونهما كما هو معنى اللزوم في اصطلاح الحكمة إلا أنه لم يصب في زعمه أنه معنى اصطلاحيّ لا لغويّ ليس بشيء لأنّ عدم الدنع مكابرة معلومة مما نوّرناه والمجازية هنا فاسدة لعدم القرينة المصححة له، ولا حاجة له مع أنه مآل المعنى اللغوي الحقيقي، كما اعترف به، والتخريج على متعارف أهل اللغة أنسب مع أنه قيل عليه: إنه غير مطابق لمصطلح الحكمة لأنه لا يلزم أن يكون كل حرف جار باء لأنهئم إذا قالوا الكتابة لازمة للإنسان، أرادوا أنه كلما وجد الإنسان وجدت الكتابة، وهو فاسد هنا، وتكلف بعضهم توجيهه بما نحن في غنية عنه.
(والذي نصححه) : ما في حواشي بعض الفضلاء العصريين من أنّ الصحيح من نسخ
شرح الفاضل التفتازاني على ما هو معنى الملزوم في اصطلاح الحكماء بصيغة المفعول، وما في بعض النسخ من معنى اللزوم بصيغة المصدر لا صحة له وواية ودراية فإن قلت: إن الباء تكفّ بما عن العمل كما في حرف الميم من مغنى اللبيب فكيف يتم أمر اللزوم قلت: كأنه لقلته بالنسبة لعملها جعل كالمعدوم، أو أنه الأصل ما لم يعارضه معارض فتدبر واللزوم أحد المصادر التي جاءت على فعول للمتعذي وهي محفوظة، وأمّا قيد الاختصاص الذي زاده المصنف على الكشاف فذهب ناس إلى أنها زيادة ضارة فتركها أولى وآخرون إلى لزومها أو حسنها لأنّ اللزوم قد يكون عرفياً غير كليّ عقليّ، فأشار بإقحامه إلى أنه كليّ عقليّ، وما قيل
في توجيهه من أنه لا يطلق حرف الجر على غير الباء لا يسمن ولا يغني من جوع وقيل: إنه زيد لئلا يتوجه عليه شيء من النقوض الآتية إذ معناه لامتيازها من بين الحروف باللزوم وظاهر أنه إنما يصح إذا اعتبرت صووة الحرف من حيث دلالتها على معنى مع قطع النظر عن خصوصية نشأت من الإضافة أو غيرها، فإن شيأ من حروف الجر المفردة من حيث هو حرف لا ينفك عن الحرفية والجر فيلزم أن تكون كلها مكسورة، فلا بد من قطع النظر عن الخصوصية والباء داخلة على المقصور كما هو المشهور وكل من الحرفية والجر مناسب للكسر كما مرّ ثم إنه قيل إنهما وجهان ونقص الأوّل بواو والعطف وفائه اللازمتين للحرفية والثاني بكاف التشبيه اللازمة للجر، وقيل: هما وجه واحد فاندفع النقضان لكن بقي النقض بواو القسم وتائه ودفع بأنّ عملهما بالنيابة عن الباء فكان الجر ليس أثرهما واحترز بلزوم الحرفية عن كاف التشبيه، وقيل هو مستدرك لأنها لا تعمل الجر إذا كانت اسما إلا أن يقال إنه على قول قوله: (كما كسرت لام الأمر الخ) التثبيه في أنها خالفت الحروف المفردة التي حقها الفتح لعلة اقتضت المخالفة، وهي هنا دفع اللبس المذكور ولام


الصفحة التالية
Icon