إلا بالاسم فالاستعانة لا تكون حقيقة إلا بالذات كيف لا وقد قال تعالى: ﴿وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ فحصر مطلق التلبس، والاستعانة في الاسم ممنوع فلا أقل مما قاله بعض الفضلاء
من أنّ الاستعانة، وإن كانت حقيقة بالذات إلا أنّ الطريق إلى تحصيلها لما كان ذكر اسمه جعل مستعانا به تعظيماً وان لم يكن مراد، فإنه ناشىء من عدم الفرق بين استعنت المتعدي بنفسه الذي معناه طلب المعونة منه، وبين المتعد بالباء المتعلق بغير ذوي العلم غالباً نحو: ﴿اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ﴾ [البفرة: ١٥٣].
ومنها أن قوله فيستفاد أنّ التبرّك والاستعانة بجميع أسمائه ليس بمسلم وقد قال التفتازاني
في شرح تلخيص جامع الخلأطي معنى إضافة الاسم إلى الله إن كان الاختصاص شمل أسماءه كلها، وأن كان الاختصاص وصفا نذاته المتصف بالكمالات المستجمع له الصفات فهو لفظ الله خاصة للإتفاق على أنّ ما سواه معان وصفات، وفي التبرك بالإسم غاية التعظيم للمسمى، وقيل إثالاسم صلة أتى به للتبرك وللفرق بينه وبين القسم قليل الجدوى، لأن الابتداء إنما هو بالاسم لا بالذات انتهى.
وأمّا تصلف المورد على السيد السند هنا والبحث معه، بأنه إن أراد بالابتداء الذي ذكره الابتداء الحقيقي فلا يتم بما ذكره وان أراد الإضافي أو الأعم، فالتوهم باطل ولا يتفرّع بطلانه على ما ذكر مع أنه لا يتمّ أيضا إذا دلت البسملة على الاستعانة والتبرك بجميع أسمائه وبالله الرحمن الرحيم على وقوعه باسم واحد وهو ممنوع، ولا يصح إرادة اللفظ مع وصفه بالرحمن الرحيم، فالأولى أنه لم يقل بالله الخ لما فيه من إساءة الأدب بجعله تعالى آلة أو مصاحبا لفعل العبد فسراب يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيأ لأنّ المراد الابتداء الحقيقي وعدم تمامه مكابرة ودلالته على جميع الأسماء من عموم الاسم المضاف أظهر من الشمس، والوحدة في مقابلة العموم واساءة الأدب لا تتوهم مع ما مرّ من أنّ معنى الآلية توقف الفعل أو الاعتداد به عليها وماكها التبرك والمصاحبة لا تنكر بعد التصريح بها في قوله: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ﴾ [الحديد: ٤] فقد وضح الصبح لذي عينين وما على الأعمى من حرج. قوله: (ولم تكتب الألف) أي لم ترسم ألف اسم بعد الباء على ما هو مقتضى الظاهر من الرسم إذ الأصل في كل كلمة أن تكتب باعتبار ما يتلفظ بها في الوقف والابتداء، وفي الابتداء هنا يلفظ بالهمزة، وهي ألف لأنّ الألف كما في الصحاح لينة وغير لينة، وهي الهمزة فلا حاجة لما قيل من أنها سميت ألفا لأنها تكتب بصورتها قال أبو حيان رحمه الله: إن قلت باسم زيد، أو تبركت باسم الله تعالى ترسم الألف لأنّ الأوّل لم يضف إلى الله تعالى، والثاني ذكر فيه متعلق الباء وقال الدمامينيّ ما حاصله: إنه لا بد لحذف الألف من أمرين عدم ذكر المتغفق، واضافة لفظ اسم للجلالة وهل يثترط تمام البسملة فيه تردّد وظاهر كلام التسهيل اشتراطه قيل: وإنما طوّلت الباء عوضا عنها لتكون الباء بمنزلة ألف اسم الله، فيكون الابتداء ببسم الله ابتداء باسمّ الله فاعرفه، فإنه ليس من عمل الأفهام بل من مبذولات الإلهام، وهو من مبتذلات الأوهام وخصت هذ. الأسماء بالابتداء لأنّ الذات مقدّمة على سائر الموجودات فناسب الابتداء باسمها
وهو الله كما مرّ وكذا الرحمن الرحيم لقوله: " سبقت رحمتي) (١) وهذه نكتة حسنة، وتحذف ألف الرحمن مع أل وبدونها وفي الكشاف قال عمر بن عبد العزيز لكاتبه طوّل الباء وأظهر السينات ودور الميم قال فدّس سره (٢) : تحسيناً للخط ومحافظة على تفخيم اللفظ الذي أريد به الأسماء المعظمة ييهبرياء سيماها وهو إيماء إلى أنه لا دليل فيه على التعويض حتى يعترض عليه بذلك كما توهم والموجود في النسخ السينات بدل السنات وفيه مبالغة، كائنه جعل كل سِنَّة كسين في الظهور، وهو دفع لما قيل من أنه ليس في البسملة سينات بل سِنات لسين واحدة ولو أراد تعددها باعتبار أفراد البسملة لقال الباآت والميمات أيضاً.
وأجيبّ بأنّ المراد من السين السئة تسمية للجزء باسم كله إذا ما عداه مطروح خطاً قيل
وهو على طرف الئمام ومبناه على حرف واحد وهو أنّ السئات هنا جمع السّن لا جمع السين فإنه لا يقال في جمع سٍنّة سينات حذراً من الالتباس بالمصادر التي تجىء على يخغال كما قال الجوهريّ في دينار أصله دنار بالتشديد فأبدل من حرف التضعيف ياء لئلا يلتبس بالمصادر التي تجيء على يخغال نحو جمذب، ثم أنّ هذا القائل تجج وقال: هذا ما عنلإي في تحقق المقام، ولعمري إنّ اشتباه السين على هؤلاء الفضلاء شين تام فنعم


الصفحة التالية
Icon