لا يجري في الفرائض والمقادير كما شرحناه في اللمعة والحاصل أن هذا قياس على البنت مع أخيها أو على الأختين والأوّل لأنها لما استحقت الثلث مع الأخ فمع البنت بطريق الأولى، والثاني أنه ذكر حكم الواحدة والثلاث فما فوقها من البنات، ولم يذكر حكم البنتين وذكر في ميراث الأخوات حكم الأخت الواحدة والأختين ولم يذكر حكم الأخوات الكثيرة فيعلم حكم البنتين من ميراث الأخوات وحكم الأخوات من ميراث البنات لأنه لما كان نصيب الأختين الثلثين كانت البنتان أولى بهما لأنهما أقرب منهما، ولما كان نصيب البنات الكثيرة لا يزيد على الثلثين فبالأولى أن لا يزداد نصيب الأخوات على ذلك. قوله: (ولأبوي الميت) يعني أنّ الضمير راجع إلى ما فهم من الكلام كضمير ترك السابق، ولكل واحد بدل بعض من كل ولذا أتى معه بالضمير ما وقع لصاحب الانتصاف من أنه بدل كل، والمناقشة فيه غلط منه كما ذكره أبو حيان وغيره لأنه مبني على أن كل عمومها شمولي، وقوله: منهما يأباه، ولم يقل لكل واحد من أبويه السدس لفوات الإجمال والتفصيل الذي هو أوقع في الذهن ولم
يقل لأبويه السدسان للتنصيص على تساويهما إذ فيه يحتمل التفاضل، وان كان خلاف الظاهر فإنه يكفي نكتة للعدول، وقوله: غير أن الأب الخ إشارة إلى أحوالا الأب الثلاثة كما هو مقرّر، ودفع لما يتوهم أنه يأخذ مع البنت أكثر من السدس لأنه ليس بجهة واحدة وتعدد الجهات منزل منزلة تعدّد الذوات، وقوله: فحسب أي فقط وهو مأخوذ من التخصيص الذكرى كما تدل عليه الفحوى، وإنما فسر به ليخرج ما إذا كانا مع أحد الزوجين كما سيبينه، وفي الكشاف معناه فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فح! سب فلأمّه الثلث مما ترك، كما قال: لكل واحد منهما السدس مما ترك لأنه إذا ورثه أبواه مع أحد الزوجين كان للأم ثلث ما بقي بعد إخراج نصيب الزوج لا ثلث ما ترك إلا عند ابن عباس، والمعنى أن الأبوين إذا خلصا تقاسما الميرإث للذكر مثل حظ الأنثيين انتهى، وهو بعينه كلام المصنف رحمه الله لا زيادة فيه إلا إيضاح أنّ المراد بالثلث ثلث ما ترك وهو الكل لا ثلث الباقي ولا الأعمّ لقوله قبله السدس مما ترك، دمانما نقلته لك لترى العجب ممن قال قوله: وورثه أبوا. فحسب إشارة إلى دفع ما ذكره صاحب الكشاف لما أشكل عليه من أنه لا فائدة لقوله وورثه أبوا. لأنه في بيان حكم الأبوين في الإرث مع الولد ومع عدمه، فكما أنه لا حاجة في قوله: ولأبويه لكل واحد منهما السدس إلى التقييد، بقوله: إن ورث أبواه لا حاجة إليه في قوله فإن لم يكن له ولد فلأمه الثلث إلى آخر ما أطال به من غير طائل، فانظر ما جرّه قلة التأمّل إليه وكتابة محشوّ بمثل هذا لكنا أضربنا عن أكثرها فإن لم يقيد بقوله فحسب حمل الثلث على الأعم من ثلث الكل أو ثلث ما بقي لكونه خلاف المتبادر ويلزمه لغوية قوله وورثه أبواه لكنهم بينوا له فائدة كما سيأتي، ومنه يعلم إنه إذا لم يكن قوله وورثه أبواه للتخصيص يكون في الكلام الباس، ولذا رجحوه وان رجح شراح السراجية خلافه، وفيه نكتة أخرى وهي الإشارة إلى أنّ إرثه بالعصوبة، وهي تقتضي عدم التعيين والتحديد. قوله: (وعلى هذا ينبني الخ) يعني إنه ليس داخلا في النظم ولكنه مستنبط منه وضمير فرضه لأحد الزوجن، وقوله: يفضي إلى تفضيل الأنثى على الذكر في مسألة الزوج معها ظاهر، وأما الزوجة فلا.
أما الأول: فلأنها لو جعل لها مع الزوج ثلث جميع المال والمسألة من ستة لاجتماع نصف وثلث فللزوج ثلاثة وللأم اثنان على ذلك التقدير فيبقى للأب واحد وفيه تفضيل الأنثى وإذا جعل لها ثلث ما يبقى كان لها واحد وله اثنان.
وأمّ الثاني: فلأنه لو جعل لها مع الزوجة ثلث الأصل والمسألة مع أثني عشر لاجتماع
ربع وثلث فللزوجة ثلاثة وللأم أربعة ثلث الكل بقي خمسة للأب فلا يلزمه تفضيلها عليه ولذا
ذهب الإمام للفرق بينهما فهذا التعليل لا يفي بالمراد بل لا يستقيم وإن وجهه شراح السراجية لكن على مسلكهم في أنّ المراد بالثلث الأعئم يكون ذكر قوله وورثه أبواه إشارة إلى أنّ الثلث ثلث ما ورثاه سواء الكل أو الباقي، ولو حمل على ثلث الكل في هذه الصورة لخلا المذكور عن الفائدة، اللهم إلا أن يقال إنّ المراد إنه يفضي إليه في إحدى الصورتين وابن عباس رضي الله عتهما لا يفرق بينهما فيلزمه التفضيل في الجملة بخلاف ما ذهب إليه أبو بكر الأصمّ، وهو


الصفحة التالية
Icon