على النهي مستأنفا، والثاني أنه منصوب معطوف على ترثوا وأيدت بقراءة ابن مسعود رضي الله عنه ولا أن تعضلوهن، وردّ هذا الوجه بأنك إذا عطفت فعلاً منفيا بلا على مثبت وكانا منصوبين فالناصب يقدّر بعد حرف العطف لا بعد لا فإذا قلت أريد أن أتوب ولا أدخل النار فالتقدير أريد أن أتوب وأن لا أدخل النار فالفعل يطلب الأوّل على سبيل الثبوت والثاني على سبيل النفي، والمعنى أريد التوبة وانتفاء دخول النار وكذا لو كان الفعل المسلط عليهما منفيا كما هنا، ولو قدرته لا يحل لكم أن لا تعضلوهن لم يصح إلا أن تجعل لا زائدة لا نافية وهو خلاف الظاهر.
وأمّا تقدير اًن بعد لا فغير صحيح فإنه من عطف المصدر على المصدر لا الفعل على
الفعل، فقد التبس عليهم العطفان وفرق بين أريد أن تقوم وأن لا تخرج ولا أن تقوم، ولا أن تخرج ففي الأوّل أثبت إرادة وجود قيامه وانتفاء خروجه، وفي الثاني نفي إرادة وجود قيامه ووجود خروجه فلا تريد لا القيام ولا الخروج، وهذا فيه غموض! لا يفهمه إلا من تمرّن في العربية.
ورد بأنّ المثال الذي ذكره أعني أريد أن أتوب الخ تقدير أن فيه قبل لا لازم فإنه لو قدر
بعدها فسد المعنى والتركيب، وامّا هنا فتقدير أن بعد لا صحيح فإنّ التقدير لا يحل لكم ميراث النساء ولا عضلهن، وهو عطف على أن ترثوا ولا مزيدة لتأكيد النفي، وقد صرح به الذاهبون إليه كالزمخشريّ وابن عطية والمصنف رحمهم الله، وفي الكلام محذوف تقديره ولا تعضلوهن من النكاح إن كان الخطاب للأولياء والعصبات، أو لا تعضلوهن من الطلاق إن كان الخطاب للأزواج، والأوّل هو المراد هنا فإن قلت على هذا كيف يلتئم قوله: لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن مع أنّ العصبة ما آتاها شيئاً وإنما منعها التزوّج لتفتدي بما ورثت من زوجها أو تعطيه صداقا أخذته من غيره، قلت: المراد حينئذ بما آتيتموهن ما آتاه جنسكم، وقوله: عضلت الدجاجة ببيضا أي تعسر خروجه، وكذا عضلت المرأة بالولد. قوله: (وقيل الخطاب مع الأزواج) ولا لتاكيد النفي كما في الوجه الأوّل لا للنهي كما في الوجه الثاني والمراد بالخطاب ما في ترثوا وتعضلوا. وقوله: (كانوا يحبسون النساء) بيان لقوله: ﴿لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ﴾ الخ. وقوله:
(أو يختلعن) الخ بيان لقوله: ﴿وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ﴾ وعلى الوجه الذي بعده الخطاب الأوّل للأولياء ولا تعضلوهن للأزواج، ولا يرد عليه أنه لا يخاطب في كلام واحد اثنان من غير نداء، فلا يقال قم واقعد خطابا لزيد وعمرو، بل يقال: قم يا زيد واقعد يا عمرو كما في شرح التلخيص لأنّ الجملة الثانية مستأنفة وليست من هذأ الكلام، ولهذا قال: تم الكلام مع أن القاعدة ليست مسلمة كما سيأتي، وأمّا على تقدير العطف فلا يلزم عليه عطف الإنشاء على الخبر كما مرّ. قوله: (إلا أن يأتين بفاحشة مبينة الخ (قرئ في السبعة بالفتح، والكسر وعلى الثاني فهو من بين اللازم أو مفعوله محذوف، أي مبينة حال صاحبها وقرئ مبينة بكسر الباء وسكون الياء، وهي كالتي قبلها واختلفوا في الاستثناء فقيل منقطع وقيل متصل إما مستثنى من ظرف زمان عاثم أي لا تعضلوهت في وقت من الأوقات إلا وقت إتيانهن أو من حال عامّة أي في حال من الأحوال إلا في هذه الحال أو من علة عافة أي لا تعضلوهن لعلة من العلل إلا لإتيانهن الخ كما بيته المصنف رحمه الله، فإن قلت كيف يتصوّر تقدير لعلة من العلل بعد ذكر علة مخصوصة وهي لتذهبوا قلت: يجوز أن يكون المراد العموم وذكر فرد منه لنكتة لا ينافيه أي للذهاب أو غيره أو العلة المعينة المذكورة غائية، والعامة المقدرة باعثة على الفعل متقدّمة عليه في الوجود، ولذا فسر المصنف رحمه الله تعالى المستثنى بما هو منها كالنشوز، والمراد بالإجمال فعل الجميل كما في قول المتنبي:
أنا لفي زمن ترك القبيح به من أكثر الناس إحسان واجمال
قوله: (فلا تفارقوهق الخ) إشارة إلى بيان الجواب الدّي أقيم علته مقامه، وقوله: فاصبروا الآتي إجمال له، وعشى لكونها الإنشاء الترجي لا تصلح للجوابية فلذا أوّلوه بما ذكر، وقوله: وهو خير لكم إشارة إلى أنّ جملة ويجعل الله فيه خيراً كثيراً حالية لتأويلها بالاسمية، والمعروف فيه تقدير المبتدأ لأن المضارعية الحالية لا تقترن بالواو كما قرّره النحاة، لكن في شروح الكشاف أنّ الزمخشرقي جوّزه في مواضع من


الصفحة التالية
Icon