للابتداء على ضرب من التأويل لا أنه معنى كليّ صادق عليها بالحقيقة وأيضا إنها إذا كانت بيانا كانت حالاً من نسائكم فيختلف عاملا الحالين، ولا قائل به فإن أريد الاتصال تناول اتصال الأمهات بالنساء لكونها، والدات لهن والربائب بالنساء لكونهن مولودات منهن فحينئذ يصح تعلقه بالأمهات والربائب جميعا حالاً منهما وتظهر فائدة اتصال الأمهات بالنساء بعد إضافتها إليها من جهة زيادة قيد الدخول لكن الاتفاق على حرمة أمهات النساء مدخولات بهن أو غير مدخولات يأباه فمن ثمة علق بالربائب فقط. قوله: (فإني لست منك ولست مني) هو للنابغة، وصدره:
إذا حاولت في أسد فجورا
قال الأعلم إنه قاله لعيينة بن حصن الفزاري، وكان قد دعاه تومه إلى نقض حلف بني
أسد فأبى عليه، وأراد بالفجور نقض الحلف، وقيل تمامه:
إذا ما طار من مالي الثمين
والثمين بمعنى الثمن وهو خطاب لزوجته بأنها إذأ أخذت من إرثه الثمن انقطع الاتصال
بيننا فمنك بكسر الكاف ولست بالكسر على هذه الرواية. قوله: (على معنى أن أمهات النساء الخ) أي متصلة بالنساء المدخول بهن بالأصلية والفرعية، وقيل عليه إنّ تركيبه مع الربائب في غاية الفصاحة وحسن النظم وأما مع أمهات فلا فإنّ تقديره وأمهات نسائكم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ولا وجه له وفيه نظر. وقوله: (لكن الرسول صلى الله عليه وسلم) الخ الحديث أخرجه الترمذفي بمعناه والمروفي عن علي رضي الله عنه أخرجه ابن أبي حاتم ووجه الفرق كما في الانتصاف أنّ المتزوّج بالبنت لا يخلو عن محاورة، ومراجعة مع أمها بعد العقد وقبل الدخول فحرمت بالعقد لينقطع شوقه من الأم لمعاملتها معاملة المحرم، ولا كذلك عكسه إذ لا تحصل مظنة الخلطة بالربيبة إلا بعد الدخول، وعن الإمام أن البنت إذا أبدلت بالأم وأوثرت عليها لم تلحقها مشقة
وغيرة كما تلحق البنت إذا أوثرت بأمها لشفقة الأم وحنوها كما قال المتنبي:
إنما أنت والد والأب القا طع أحنى من واصل الأولاد
واختلاف العاملين ظاهر لأنّ أحدهما المضاف والآخر من. قوله: (وفائدة قوله في حجوركم الخ) يعني أن القيد ليس معتبرا لأنه إنما يعتبر إذا لم يكن لذكره فائدة أخرى، وهي هنا ما ذكر من مشابهتهن للولد بما ذكر وتناول الأمهات للبعيدة فيه نظر، وقوله: دخلتم معن الستر يريد أنّ الباء للتعدية وفيها معنى المصاحبة كما صرح به الكشاف، وهو الفارق بين التعدية بالباء والهمزة، وقوله: لمس المنكوحة بل الأجنبية أيضا أو بمعنى مع فهو وجه آخر. قوله:) تصريح بعد إشعار الخ) يعني أنّ تقييد الحكم بقيد يفيد انتفاءه عند انتفائه فالتصريح بانتفائه بعده تعيين له دون غيره فلا يقاس عليه أمر آخر كاللمس والنظر إلى الفرج وهو ردّ على أبي حنيفة رحمه الله، ومن قال في تفسيره: أي لقياس الربائب على أمهات النساء في كون الربائب محرمة مثلهن على الإطلاق فقد أخطأ لعدم الوقوف على مراده، قال المحقق: الدخول بهن كناية عن الجماع صريح في أنّ مدلول الآية كون الحرمة مشروطة بالجماع ولهذا قال اللمس ونحوه يقوم مقام الدخول، وما ذكر من الآثار إنما يدل على ثبوت الحرمة بتقدير اللمس لا على تناول الآية إياه وحمل الدخول على حقيقته فلم يبق إلا القياس ولا سبيل إليه مع صريح قوله: (فإن لم تكونوا الخ).
(أقول) يعني ما ذهب إليه أبو حنيفة رحمه الله مما لا مجال له لأنّ صريح الآية غير مراد
قطعا بل ما اشتهر من معناها الكنائي فما قاله: إن أثبت بالقياس فهو مخالف لصريح نص الشرط، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل وان أثبتوه بالحديث وهو غير مشهور لم يوافق أصولهم، ويدفع بأنه من صريح النص لأنّ باء الإلصاق صريحة فيه لأنه يقال: دخل بها إذا أمسكها وأدخلها البيت كما أشار إليه النسفي، فإن قلت هب أنّ الكناية لا يشترط فيها القرينة
المانعة عن إرادة الحقيقة لكن لا يلزم إرادته كما حقق في المعاني فلا دلالة للآية عليه، قلت: هو وإن لم يلزم إرادته لكن لا مانع منه عند قيام قرينة على إرادته والآثار المذكورة كفى بها قرينة على ذلك فلذا أدرجوه في مدلول النظم فالمعترض غافل أو متغافل فإن قلت هب إنك أدخلت اللمس في صريحه فكيف يدخل نحوه فيه قلت هو داخل بدلالة النص، ثم إنّ


الصفحة التالية
Icon