وذوات الأزواج والملك أعم من
ملك اليمين وملك الاستمتاع بالنكاح فرجع معنى الآية إلى تحريم الزنا وحرمة كل أجنبية إلا بعقد نكاح أو ملك يمين، وهذا مروي عن بعض الصحابة واختاره مالك رحمه الله في الموطأ. قوله: (يريد الخ) هذا هو القول الثاني في الآية كما مرّ، وهو الماثور وقوله لقول أبي سعيد الخ إشارة إلى ما روي في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبئ ﷺ بعث يوم حتين سرية فأصابوا حياً من العرب يوم أوطاس فهزموهم وقتلوهم واصابوا لهم نساء لهن أزواج فكان أناس من أصحاب النبي ﷺ تأثموا من غشيانهن من أجل أزواجهن فأنزل الله عز وجل هذه الآية وهي غزوة من غزواته ﷺ واليوم بمعنى الوقعة والقتال ووقعة حنين في المعجم وفيها قال صلى الله عليه وسلم: " اليوم حمى لوطيس حين استعرت الحرب ". قوله: (من اللاتي سبين ولهن أزواج الخ) يعني أنّ الآية مخصحوصة بذوات الأزوأج المسبيات، بدليل سبب النزول لأنّ ملك اليمين لا يزيل النكاج بالاتفاق كما لو باع جارية مزوجة أو انتقل ملكها عمن زوجها بأرث أو هبة لكن هل مجرد السبي محل لذلك، أو سببها وحدها فعند الشافعي رحمه الله مجرد السبي موجب للفرقة ومحل للنكاح وعند أبي حنيفة رحمه الله سبيها وحدها حتى لو سبيت معه لم تحل للسابي. قوله: (فنزلت الآية (يعني من قوله: ( ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ﴾ الخ الا قوله:) ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ﴾ الخ) إذ لا يتم بدون ما قبله ويحتمل ذلك بأن يقدر له عامل، وهو خلاف الظاهر ولم يذكره أحد من المعربين لا يقال: هذا قصر للعام على سببه وهو مخالف لما تقرر في الأصول من أنه لا يعتبر خصوص السبب، لأنا نقول ليس هذا من قصر العام على سببه لمانما خص لمعارضمة دليل آخر، وهو الحديث المشهور عن عائشة رضي الله عنها أنها لما
اشترت بريرة، وكانت مزوجة أعتقتها، وخيرها النبيّ ﷺ من زوجها مغيث فلو كان بيع الأمّة طلاقا ما خيرها فاقتصر حينئذ بالعامّ على سببه الوارد عليه لما كان غير البيع من أنواع الانتقالات كالبيع في أنه ملك اختياري مترتب على ملك متقدم بخلاف السباء فإنه إنشاء ملك جديد قهري فلا يلحق به غيره كذا حققوه، وبيت الفرزدق هذا من قصيدة له والحليل الزوج واسناد الإنكاج إلى الرماح مجاز وحلال صفة ذات تجري على إعرابه وذكر لأنه مصدر أو خبر مبتدأ محذوف أي هي حلال، ولمن يبنى بها أي يدخل عليها متعلق بحلال، ولم تطلق صفة بعد صفة أو خبر بعد خبر وهو ظاهر. قوله: (وإطلاق الآية والحديث حجة عليه) إطلاق الآية والحديث غنر مسلم قال في الأحكام المروي إنه: لما كان يوم أوطاس لحقت الرجال بالجبال وأخذت النساء فقال المسلمون: كيف نصنع ولهن أزواج فأنزل الله ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ﴾ الآية وكذا في حنين كما ذكره أهل المغازي، فثبت أنه لم يكن معهن أزواجهن فإن احتجوا بعموم اللفظ قيل لهم قد اتفقنا على أنه ليس ب!، م وأنه لا تجب الفرقة بتجدد الملك فإذا لم يكن كذلك علمنا أنّ الفرقة لمعنى آخر، وهو اختلاف الدارين فلزم تخصيصها بالمسبيات وحدهن وليس السبي سبب الفرقة بدليل إنها لو خرجت إلينا مسلمة أو ذمية ولم يلحق بها زوجها وقعت الفرقة بلا خلاف وقد حكم الله به في المهاجرات في قوله ﴿وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾ فلا يرد ما ذكره المصنف عند التحقيق، وأوطاس بفتح الهمزة أفعال بطاء وسين مهملتين واد بديار هوازن كانت فيه تلك الوقعة. قوله: (كتاب الله الخ) إمّا منصوب على أنه مصدر كتب مقدراً بمعنى فرض وهو مصدر مؤكد ولا ينافيه الإضافة كما توهم وذهب الكسائي إلى أنه منصوب على الإغراء، واستدل به على جواز تقديم المفعول في باب الإغراء، ورد بأنه منصوب على المصدرية وعليكم متعلق بالفعل المقدر وجملة كتب مؤكدة لما قبلها. قوله: (عطف على الفعل المضمر (تبع فيه الزمخشري حيث جعله في قراءة المعلوم معطوفاً على كتب المعلوم وفي قراءة المجهول معطوفا على حرمت المجهول، وقيل عليه إنّ ما اختاره من التفرقة غير مختار لأنّ جملة كتب لتأكيد ما قبلها وهذه غير مؤكدة، فلا ينبغي عطفها على المؤكدة بل على الجملة المؤسسة خصوصا مع تباينهما بالتحليل والتحريم وفيه نظر لأنّ تحليل ما سوى ذلك مؤكد لتحريمه معنى وما ذكره أمر استحساني رعاية لمناسبة


الصفحة التالية
Icon