وحضر محمد ابن الحنفية، وعلم ما يراد منه فخير العلج بين أن يقعد ويقوم العلج ويعطيه يده فيقيمه أو يقعد العلج، ويقوم محمد ويعطيه يده فيقعده فاختار العلج الحالتين فغلبه محمد وأقام العلج وأقعده، وكذا أخرجه ابن عساكر في تاريخه فاللام وكي زائدة في البيت لتأكيد معنى الاستقبال أو يوجه بما مرّ وما ذكره من تقدير المفعول مرّ شرحه. قوله: (مناهج من تقدّمكم الخ) يشير إلى أنّ السنن كالسنة بمعنى الطريقة وكون هذا طريقة من قبلهم أي من نوعها وجنسها في بيان المصالح، وان لم تكن منفعة وقيل: إنّ هذا الحكم كان كذلك في الأمم السالفة وفيه نظر. قوله: (ويغفر لكم ذنوبكم الخ الما كانت التوبة ترك الذنب مع الندم والعزم على عدم العود، فإسنادها إلى الله تعالى لا بد من تأويله أشار المصنف رحمه الله إلى أنه بمعنى المغفرة مجازاً لتسببها عن التوبة أو بمعنى، الإرشاد إلى ما يمنع عن المعاصي على الاستعارة لأن التوبة تمنع عنها كما أنّ إرشاده تعالى كذلك أو عن حثه تعالى عليها لأنه سبب لها عكس الأوّل، أو الإرشاد إلى مكفرها على التشبيه أيضا، وقال الطيبي رحمه الله: أنّ قوله تعالى: (دبتوب من وضع المسبب موضع السبب) وذلك لعطفه ويتوب على قوله: ﴿وَيَهْدِيَكُمْ﴾ الخ على سبيل البيان كأنه قيل: ﴿لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ﴾ ويرشدكم إلى الطاعات فوضعموضعه ويتوب عليكم. قوله:) كرر للتثيد والمبالنة (لم يجعله الزمخشرفي تكريراً لأنه فسر يتوب أوّلاً بقبول التوبة والإرشاد إلى الطاعات ليناسب المعطوف عليه، وهو يبين وفسره
هنا بأن يفعلوا ما يستوجبون به قبول التوبة لتقابل إرادته إرادة أن قيلوا ميلا عظيما فيجب تعاطف الجملتين المشتملتين على تقابل المريد والمراد أعني والله يريد أن يتوب عليكم، ويريد الذين يتبعون الشهوات الخ فلا يكون تكريراً للإرادة الأولى كما ذهب إليه بعضهم مع زيادة تقوي الحكم، ثم إنه إنما يتمشى على كون ليبين لكم مفعولاً كما مرّ والا فلا تكرار لأنّ تعلق الإرادة بالتوبة في الأوّل على جهة الغلبة، وفي الثاني على جهة المفعولية فلا تكرار لاختلاف المتعلقين. قوله: (يعني الفجرة الخ) أي الفسقة لأنهم يدورون مع شهوات أنفسهم من غير تحاس عنها فكأنهم بانهماكهم فيها أمرتهم الشهوات باتباعها فامتثلوا أمرها واتبعوها فهو استعارة تمثيلية، وأمّا المترخص فلم يتبع الشهوات وإنما اتبع الشرع، وتحليل الأخوات لأب لأنهم لم يجمعهم رحم، وبنات الأخ والأخت تياساً على بنات العمة والخالة بجامع أن أمّهما لا تحل فكانوا يريدون أن يضلوا المسلمين بما ذكر، ويقولون لم جوّزتم تلك ولم تجوّزوا هذه، وبين عظمه لأنّ المراد به الاستحلال. قوله: (كإحلال نكاح الأمة (أخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد إنّ مما وسع الله به على هذه الأمة جواز نكاح الأمة والنصرانية واليهودية ولم يرخص لغيرهم، والشرعة بالكسر الشريعة والسمح الجواد وهي سمحة والسهل اللين وهو المراد، والحنيفية المائلة إلى الصواب كما مرّ. قوله: (لا يصبر عن الشهوات الخ (فالضعف معنوي عبارة عما ذكر، وقوله: ثمان آيات الخ في شرح الكشاف في ثمان لغات، ثماني بالياء وثمان بحذفها وكسر النون وثمان بإجراء الإعراب على النون، وقوله: مما طلعت إلى آخره أي من الدنيا وما فيها وهذه الثلاثة أي الآيات من قوله: ﴿يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ﴾ إلى هنا لما فيها من التيسير والتخفيف عن هذه الأمة، والتجاوز عن سيئاتها وهو ظاهر، والقمار بكسر القاف مصدر قامره مقامرة إذا غلبه في رهان شرط فيه المال فأخذه منه وهو حرام معروف.
فائد جليلة:
وقع هنا في الكشاف ذكر حديث ما أيس الشيطان لعنه الله من بني آدم إلا أن أتاهم من
قبل النساء، وقال النحرير رحمه الله: فيه إشكال من جهة دلالته على أنه لا ييأس إلا في حال الإتيان من قبل النساء، والمقصود العكس وهو أنه لا ييأس البتة في تلك الحال، والجواب بأن التقدير ما فعل الشيطان شيئاً عند يأسه من إغواء بني آم إلا أن أتاهم من قبل النساء ليس دفعاً للإشكال بل بيانا لما يعرفه كل أحد من أنه المقصود، وان أراد أن أيس في معنى ما فعل عند اليأس، وأتاهم من قبيل تنزيل الفعل منزلة المصدر فلا بدّ من بيان جهة التجوّز، وقد يجاب بأنّ ما بعد إلا في موقع الوصف لحين محذوف أي ما أيس حينا إلا موصوفا بأنه يأتيهم فيه من قبل النساء فيكون قصراً لزمان اليأس


الصفحة التالية
Icon