إذا ما أهان امرؤ نفسه فلا أكرم الله من يكرمه
قوله: (وقيل المراد بالأنفس الخ) ما قبله على أنّ الأنفس حقيقة والقتل إما حقيقيّ أو مجازي وهذا بالتجوّز في النفس بأن يراد بها غيرهم من أهل الملة لأنهم كشيء واحد فأطلق النفس عليه بطريق التشبيه كما في الحديث: " المؤمنون كالنفس الواحدة إذا لم يعضد تداعي سائره بالحمى والسهر " فكأنه قيل لا يقتل بعضكم بعضا، وهذا وجه حسن اختاره كثير من المفسرين. قوله: (ريثما) بالراء المهملة والياء التحتية المثناة والمثلثة بمعنى مقداره وساعته والريث في الأصل مصدر راث بمعنى أبطأ إلا أنهم جعلوه ظرفا كمقدم الحاج قال أبو عليّ رحمه الله: في الشيرازيات، وهذا المصدر خاصة لما أضيف إلى الفعل في كلامهم كقوله:
لا يمسك الغيث إلا ريث يرسله
صار مثل الحين والساعة، ونحوهما من أسماء الزمان وما زائدة بدليل سقوطها في كلامهم كثيراً ويجوز أن تكون مصدرية، والنفس في هذه الآية، والمال في التجارة واستبقاء أي طلباً لحياتهم وبقائهم. وقوله: (تستكمل الخ) إشارة إلى أنّ البقاء في الدنيا إنما طلب لتكميل النفس، والاستعداد للبقاء السرمدي. قوله: (أي أمر ما أمر الخ) يعني أنه تذييل لجميع ما قبله، وقوله معناه وقع في نسختي بدون عطف ولعله أو معناه فيكون تذييلا لقوله: ﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ﴾ لأنه تعالى عظمت رحمته وشفقته عليكم إذ لم يكلفكم قتل الأنفس في التوبة كما كلفه بني إسرائيل. قوله: (أو ما سبق الخ) أشار بما إلى وجه إفراده وتذكيره، وافراط التجاوز تفسير العدوان، واتيان ما لا يستحق تفسير الظلم فلذا عطفه بالواو وأو من سهو الكتاب، وقد
تقدم معنى الصلاة. وقوله: (من حيث الخ) إشارة إلى المجاز في الإسناد وشاة مصلية بمعنى مشوية. قوله: (وقرئ كبير الخ) يعني جن! الذنب الكبير فيطابق القراءة المشهورة ويحتمل أن يراد الشرك، وقوله: صغائركم أخذه من المقابلة وقد مر أنّ السيئة إذا أطلقت يراد بها ذلك، وقوله: ونمحها إشارة إلى أنه ليس المراد بالغفر الستر بل المحو فإن قلت في حديث مسلم:! الصلوات الخمس مكفرة لما بينها ما اجتنبت الكبائر " قلت: أجيب عنه بأجوبة أصحها أن الآية والحديث بمعنى واحد لأنّ قوله: ما اجتنبت الخ دال على بيان الآية لأنه إذا لم يصل ارتكب كبيرة وأيّ كايرة، ووجه المعارضة أنّ الصلاة إذا كفرت لم يبق ما يمفره غيرها. قوله: (واختلف في الكبائر الخ) أي في حدها وعدها وهل هي محصورة أو غير محصورة، وهل هو معنى حقيقيّ أو إضافي يختلف بالإضافة إمّا على طاعة أو معصية أو عقاب فاعلها، لا يقال: يجوز أن يكونا متساويين فلا تنحصر المعصية في الصغيرة والكبيرة، لأنا نقول تكون صغيرة أو كبيرة بالقياس إلى طاعة أخرى ضرورة امتناع تساوي جميع الطاعات، والفرار من الزحف بمعنى الهرب من جيش الكفار من غير مقتض، وفيه تفصيل في محله وعد حديث النفس أصغر الصغائر إذا صمم عليه قبل فعله، وأئا إذا لم يصمم فوسوسة لا إثم فيه فلا إشكال فيه كما توهم، وقد مرت الإشارة إليه. وقوله: (فمن عق له الخ) الظاهر أنّ المراد به ما عدا الكفر فلا يرد ما قيل إنه يقتضي أنّ مجتنب الكفر يكفر عنه جميع ذنوبه ويغفر له من غير توبة. قوله: (ولعل هذا مما يتفاوت الخ) هذا مما لا شبهة فيه ولذا قيل حسنات الأبرار سيئات المقرّبين
وقال الشاعر:
لايحقر الرجل الرفيع دقيقة في السهوفيها للوضيع معاذر
فكبائر الرجل الصغير صغائر وصغائر الرجل الكبيركبائر
ومثله كثير وقوله: ألا ترى الخ تنظير لا تمثيل فلا يقال إنه إذا لم يكن خطيئة كيف يطابق
ما قبله والحديث المذكور رواه الطبرانيّ وصححه. قوله: (الجنة الخ) هو على الضم إمّا مصدر ومفعول يدخلكم محذوف أي يدخلكم الجنة إدخالاً أو مكان منصوب على الظرف عند سيبويه، وعلى أنه مفعول به عند الأخفش وهكذا كل مكان مختص بعد دخل فيه الخلاف وعلى الفتح فقيل منصوب بمقدر أي ندخلكم فتدخلون مدخلاً، ونصبه كما مرّ أو أنه كقوله. ﴿أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا﴾. قوله: (من الأمور الدنيوية الخ) قيد بالدنيوية لأنّ الأخروية تمنيها حسن، ومعربة بضم الميم صفة ذريعة ويجوز فتح ميمها، وقوله: من غير طلب


الصفحة التالية
Icon