تسوى بهم الأرض ولم يكذبوا.
(أتول) بل هو عطف على يودّ، وقوله: لأنه الخ مما لا يفهم من الكشاف أصلا وان جوّزوا عطفه على تسوّى أيضاً، وقوله: ولا يقدرون بيان للمعنى بأنهم لا يقدرون على الكتمان أي عدم كتمانهم ناشئ من عدم قدرتهم لا أنهم يقدرون ولا يكتمون، وليس مراده إنه محتاج إلى تأويله فقوله ههنا شيء ليس بشيء، وقد جوّز في الدرّ المصون فيه ستة أوجه لا! الواو إفا للحال أو للعطف وهو إما عطف على مفعول يود أي يوذون تسوية الأرض! بهم وانتفاء كتمانهم ولو مصدرية في موضع مفعول يودّ لا شرطية ويكون حينئذ، لا يكتمون عطفا على مفعول يوذ المحذوف، ويجوز أن يكون عطفا على جملة يوذ فأخبر عنهم بالودادة وأنهم لا يقدرون على الكتم ولو مصدرية أو شرطية جوابها محذوف، ومفعول يوذ محذوف أيضأ، ولا يكتمون عطف
على الجملة الشرطية وان كانت حالية فهي إما حال من ضمير بهم، والعامل تسوّي، ويجوز في لو الوجهان، أو من الذين كفروا والعامل يودّ. قوله: (لا تقوموا إليها وأنتم سكارى الخ) يعني أنّ المراد بقربها القيام لها، والثلبس بها والمعنى لا تصلوا لكن نهى عن القرب مبالغة، وشمول السكر للنوم وسكر الخمر مخالف لجمهور المفسرين وسبب النزول وأنه خلاف الظاهر لما فيه من الجمع بين الحقيقة، والمجاز أو عموم المجاز واطلاق السكر على غير الخمر يستعمل مقيداً في الأغلب كسكرة الموت، وقيده بعلم ما يقوله وهو كناية عن علم ما يصحدر عنه من قول وفعل بيانا لحد السكر، وخصه لأنه سبب النزول ولأنّ القراءة مع أنها أعظم الأركان ومناجاة الرحمن الخلط فيها ربما أدّى إلى الكفر بخلاف الأفعال، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه صحابيّ معروف والمأدبة بفتح الدال وضمها الطعام الذي يدعى إليه وأدب القوم بأدبهم دعاهم إليه، وثملوا بالثاء المثلثة بمعنى سكروا وقوله: فقرأ عبد الخ أي بحذف لا في سورة الكافرين. قوله: (وقيل أراد بالصلاة مواضعها الخ) فهو مجاز من ذكر الحال، وإرادة المحل بقرينة قوله: (إلا عابري) فانه يدل عليه بحسب الظاهر وجعل المنهي عنه السكر وافراط الشرب لا قربان الصلاة لأنّ القيد مصب النفي، والنهي ولأنه مكلف بالصلاة مأمور بها والنهي ينافيه لكنه لا مانع عن النهي عنها للسكران مع الأمر المطلق إلا أنّ مرجعه إلى هذا والحاصل أنه مكلف بها في كل حال، وزوال عقله بفعله لا يمنع تكليفه، ولذا وقع طلاقه ونحوه ولو لم يكن مأموراً بها لم تلزمه الإعادة إذا استغرق السكر وقتها وقد نص عليه الجصاص في الأحكام وفصله فمن قال: لا دليل على ما ذكره غفل عن المسألة. قوله: (والسكر من السكر الخ) السكر بفتح السين وسكون الكاف حبس الماء وبكسر السين نفس الموضع المسدود وقيل: السكر بضم السين وسكون الكاف السد والحاجز كالجسر قال:
فما زلنا على السكر نداوي السكر بالسكر
والحاصل أنّ مادته تدل على الانسداد ومنه سكرت أعينهم أي انسدت. قوله:) سكارى بالفتح الخ) قراءة الجمهور سكارى بضم وألف، وهو جمع تكسير عند سيبويه واسم جمع عند غيره لأنه ليس من أبنية الجمع والأرجح الأوّل وقرأ الأعمش سكرى بضم السين على أنه صفة كحبلى وقع صفة لجماعة أي وأنتم جماعة سكرى كما حكي، كسلى وكسلى وقرأ النخعي
سكرى بالفتح وهو إما صفة مفردة صفة جماعة كما مرّ أو جمع تكسير كجرحى وإنما جمع سكران عليه لما فيه من الآفة اللاحقة للعقل، وقد تقدم الكلام عليه في أسارى في البقرة وقراءة سكارى بفتح السين جمع سكران كندمان وندامى. قوله: (عطف على قوله وأنتم سكارى الخ) جعله عطفا على الجملة الحالية مع الواو لئلا يلزم دخول، واو الحال على الحال المفردة، وأعاد لا لأنّ كلا منهما مانع منها وفيه تأمل قال النحرير هذا حكم الإعراب وأما المعنى ففرق بين قولنا جاء القوم سكار!، وجاؤوا وهم سكارى إذ معنى الأوّل جاؤوا كذلك والثاني جاؤوا وهم كذلك باستئناف الإثبات ذكره عبد القاهر يعني بالاستثناف أنه مقرّر في نفسه مع قطع النظر عن ذي الحال وهو مع مقارنته له يشعر بتقرّره في نفسه، ويجوز تقدمه واستمراره ولذا قال السبكي رحمه الله تعالى في الأشباه لو قال لله عليّ أن اعتكف صائما لا بد له من صوم يكون لأجل ذلك النذر من غير سبب آخر فلا يجزئه


الصفحة التالية
Icon