عن خلقتهمم وجنسهم فكأنه طرد لكنه بعيد، وقد يطلق اللعن ويراد به الدعاء به وهو معنى قوله على لسانك الخ وأصحاب السبت اليهود. قوله: (أو للذين على طريق الالتفات الأنه بعد تمام النداء مقتضى الظاهر الخطاب، وأمّا قبله فالظاهر الغيبة وبجوز الخطاب لكنه غير فصيح كقوله:
يا من يعز علينا أن نفارقهم
وقوله: (وعطفه الخ الأنه هو أو قريب منه فلا يليق عطفه بأو، ومن حمل الوعيد الخ أي
في قوله نطمس الخ قال: إنه سيقع لهم أو وقوعه مشروط بعدم إيمان أحد منهم وغير قول الزمخشريّ مشروط بالإيمان إلى قوله مشروطا بعدم إيمانهم لاحتياجها إلى التأويل بأن الوعيد مشروط ومعلق بالإيمان وجوداً وعدما فإن وجد الإيمان لم يقع وألا وقع وقد وجد فلم يقع، وقيل: إنه على حذف مضاف أي بعدم الإيمان للقرينة العقلية. قوله: (بإيقاع شيء الخ (يعني المراد بالأمر معناه المعروف أو هو واحد الأمور والمراد الوعيد أو ما قضى، وقدر مفعولاً بمعنى نافذآ واقعا في الحال أو كائنا في المستقبل لا محالة فيقع ما أوعدتم به فاحذروه. قوله: (لأنه بت الحكم على خلود الخ) قيل الأولى الاقتصار على الوجه الأوّل لأنّ الثاني مبني على
أن فعل الله مبني على استعداد المحل وهو مذهب الفلاسفة، والشرك يكون بمعنى اعتقاد أن لله شريكاً وبمعنى الكفر مطلقا، وهو المراد هنا وقد صرّح به في قوله تعالى في سورة: لم يكن بقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا﴾ [سورة البينة، الآية: ٦] فلا يبقى شبهة في عمومه. قوله: (وأوّل المعتزلة الخ) ردّ على الزمخشري فيما تعسفه هنا، وتقريره كما قال النحرير: إنه لا خفاء في أنّ ظاهر الآية التفرقة بين الشرك وما دونه، بأنّ الله لا يغفر الأوّل البتة ويغفر الثاني لمن يشاء ونحن نقول بذلك عند عدم التوبة فحملنا الآية عليه بقرينة الآيات والأحاديث الدالة على قبول التوبة فيهما جميعا ومغفرتهما عندهما بلا خلاف من أحد لا يقال حقيقة المغفرة الستر وترك إظهار الأثر والمؤاخذة على ما هو باق كالمعصية المتصف بها الشخص تاب أو لم يتب، وهذا لا يتصوّر في الشرك إلا على تقدير عدم التوبة عنه بالإيمان إذ هو مع الإيمان يزول عنه بالكلية ولا يبقى حتى يغفر، وإنما المغفرة بالنسبة إليه ترك التعيير بما سلف منه، وهما معنيان مفترقان لا يقع اللفظ عليهما فلا حاجة في الآية إلى التقييد بعدم التوبة إذ لا مغفرة للشرك الباقي البتة بخلاف ما دونه لمن يشاء، لأنا نقول الزائل بالإيمان هو الكيفية الحاصلة في النفس والاعتقاد الباطل، وأما كونه قد أشرك فمساو لكونه قد زنى.
وأما المعتزلة فلا يقولون بالتفرقة بين الشرك، وما دونه من الكبائر في أنهما يغفران بالتوبة
ولا يغفران بدونها فحملوا الآية على معنى إن الله لا يغفر الإشراك لمن شاء، أن لا يغفر له وهو غير التائب ويغفر ما دونه لمن يشاء أن يغفر له وهو التائب فقيد المنفي بما قيد به المثبت على قاعدة التنازع لكن من يشاء في الأوّل المصرّون بالاتفاق، وفي الثاني التائبون قضاء لحق التقابل، وليس هذا من استعمال اللفظ الواحد في معنيين متضادّين لأنّ المذكور إنما تعلق بالثاني، وقدر في الأوّل مثله والمعنى واحد لكن مفعول المشيئة يقدر في الأوّل عدم الغفران وفي الثاني الغفران بقرينة سبق الذكر، فإن قيل لا يخفى أنه لا بد في من يشاء من عائد على الموصول، وهو في المثبت تقديره من يشاء الله أن يغفر له والمنفي لا يتوجه إليه، قلنا مراده التوجه إلى لفظ من يشاء ثم الحمل على ما يناسب من المعنى، وعبارته توهم أنّ العائد إلى الموصول ضمير الفاعل كما قيل وليس كذلك ولقائل أن يقول بعد تسليم ما مز لا جهة لتخصيص كل من القيدين بما ذكر لأنّ الشرك أيضا يغفر للتائب، وما دونه لا يغفر للمصرّ من غير فرق بينهما وسوق الآية ينادي على التفرقة ويأخذ بكظم المعتزلة حتى ذهب البعض منهم إلى أنّ ويغفر عطف على النفي والنفي منسحب عليهما فالآية للتسوية بينهما لا للتفرقة وهو من تحريف كلامه تعالى. قوله: (إذ ليس عموم آيات الوعيد بالمحافظة الغ (يعني أنه ترك المفعول
الأوّل للمحافظة على عمومه فإن حذفه يفيد ذلك فذكر أنه لا وجه للمحافظة عليه في أحدهما دون الآخر وأما كونه من التنازع كما قرّره النحرير فغير متوجه مع اختلاف متعلق المشيئة


الصفحة التالية
Icon