بأن المراد بالأنعام أعم من الإنسي، والوحشيّ مجازاً أو تغليبا أو دلالة أو كيف شئت واحلالها على عمومها مختص بحال كونكم غير محلين للصيد في الإحرام إذ معه يحرم البعض، وهو الوحشيّ، وأما جعله حالاً من فاعل أحللنا المدلول عليه بقوله أحلت لكم، وششلزم جعل، وأنتم حرم أيضا حالاً من مقدر أي حال كونكم غير محلين الصيد في حال إحرامكم فليس ببعيد إلا من جهة انتصاب حالين متداخلين من غير ظهور ذي الحال في اللفظ، وترجيحه بأنّ التحليل، والتحريم شأن الثارع دون المكلفين ليس بشيء لأنّ معناه تقرير الحل، والحرمة عملاً، واعتقاداً، وهو سائغ في الكتاب، والسنة.
(أقول الا يخفى ما في هذا الوجه الذي رجحه من الضعف من جهة العربية فمانّ الفاعل
الذي ناب عنه مفعوله ترك نسيا منسياً، وقد نص النحاة على أنك لو قلت أنزل الغيث مجيباً لدعائهم على أنه حال من فاعل الفعل المجهول المتروك إذ تقديره أنزل الله الغيث حال إجابته لدعائهم لم يجز لا سيما على مذهب القائلين بأنّ المبنيّ للمفعول صيغة أصلية ليست محوّلة عن المعلوم، وأيضا لا وجه للتقييد كما أورده على الوجه الذي قبله مع أنّ محلى صيغة جمع كما هو في الرسم العثماني بالياء فكيف يكون حالاً من الله فكأنّ قائلة زعم أنه محل من غيرياء أو أنه رسم بالياء على خلاف القياس كما في البحر ولا يخفى حاله، ولأبي حيان هنا كلام طويل الذيل فيه تكلف وتعسف تركه خير منه. قوله: (وقيل استثناء وفيه تعسف أليس وجه التعسف فيه أن استعمال غير في الاستثناء غير ظاهر، ولا من تكرير ألاشثناء سواء ترادف أو
تداخل بل لفساد المعنى فيه إلا أن يتكلف له ما لا يليق بالنظم القرآني لأنّ المحلين لا يستثنون من البهيمة إن رجع الاستثناء من الأول بل من لكم فيصير المعنى أحلت البهيمة إلا المحلين وهو غير صحيح، وكذا استثناؤه مما قبله فتدبر. قوله: (يعني مناسك الحج جمع شعيرة وهو اسم ما أشعر الخ) قيل أقحم اسم لئلا يتوهم أنه وصف لاشتقاقه، وكونه على وزن الصفات لأنه لم يجر على موصوف، والشعار الإمارة، والعلامة، والأعلام جمع علم بمعناه، وقوله: (التي حدها) إشارة إلى أن تسميتها شعائر كتسميتها حدودا لأنّ الحدود تسمى شعائر أيضاً لما لها من العلامات، وقوله: ولا الشهر الحرام المراد به جنسه، وفسره الزمخشريّ بأشهر الحج لأنه المناسب للمقام، وّجذية بجيم مفتوحة، ودال مهملة ساكنة جمعه تجذيات بالتحريك وتجلإئة بوزن رمية، وجمنة تجدّايا ما يحشى تحت السرح، والرحل وخص الهدي بالذكر، وان كان داخلا في الشعائر لأنّ فيه نفعاً للناس، ولأنه مالي قد يتساهل فيه، وتعظيما له لأنه من أعظمها. قوله: (أي ذوات القلاند) وهي الإبل التي كان يجعل لها شعارا، وهي بعض الهدي خصت بالذكر تشريفا لها أو لا تقدير فيه، والنهي عن التعرض لها مبالغة في النهي عن التعرض له كما في قوله تعالى: ﴿ولا يبدين زينتهن﴾ فإنهن إذا نهين عن إظهار الزينة كالخلخال، والسوار علم النهي عن إبداء محلها بالطريق الأولى، ومن الغريب ما روي عن السدي في شرح أبي داود من أنّ المراد بالقلائد أصحاب الهدي قال: كان العرب يقلدون من لحاء شجر مكة فيقيم الرجل بمكة حتى إذا انقضت الأشهر الحرم، وأراد أن يرجع إلى أهله قلد نفسه، وناقته من لحاء الشجر فيأمن حتى يأتي أهله انتهى، ولحاء ككساء بلام وحاء مهملة قشر الشجر كلحيته. قوله: (ولا ٧مين البيت الحرام قاصدين الخ) أي، ولا تحلوا أقواما آمّين، وبجوز أن يكون على حذف مضاف أي نعال قوم آمّين أو أذى قوم آمّين، وقرىء شاذاً، ولا آمّي البيت بالإضافة والبيت مفعول به لا ظرف، وأي يثيبهم تفسير لفضلاً ويرضى تفسير ورضواناً، وهو بناء على ظنهم إن كان في حق المشركين كما سيأتي. قوله: (والجملة في موضع الحال من
المستكن الخ (هذا رد على الزمخشرفي في جعله جملة يبتغون صفة لآمّين حيث قال في تفسيره أي لا تتعرضوا لقوم هذه صفتهم تعظيماً لهم، واستنكاراً لأن يتعرض لمثلهم، وتبعه أبو البقاء إذ اختار أنّ اسم الفاعل الموصوف لا يعمل لضعف شبهه بالفعل الذي عمل بالحمل عليه لا! الموصوفية تبعد الشبه لأنها من خواص الأسماء، وقد رد بوجهين الأول أنّ الوصف إنما منع من العمل إذا تقدم المعمول كقولك زيدا ضارب قومي فلو تأخر لم يمنع لمجيئه بعد الفراغ من مقتضاه كما صرح به صاحب اللب، وغيره. الثاني: أنّ الزمخشري لم يرد ما فهمه المعترض من


الصفحة التالية
Icon