المجموع فلتحققه جعل كالماضي، وإذا أريد السورة فالكتاب إن أطلق على البعض، كما في قولهم ثبت بالكتاب فواضح والا فهو مبالغة لحمل الكل عليه بادعاء أنه لاستجماعه كمالاته كأنه هو. قوله: (أي شك فإن الشاك حرج الصدر الخ) في الكشاف سمي الشك حرجاً لأنّ الشاك ضيق الصدر حرجه كما أنّ المتيقن منشرح الصدر منفسحه، قال ابن المنير رحمه الله يشهد له قوله: ﴿فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ﴾ [سورة البقرة، الآية: ١٤٧] وقال النحرير الظاهر أنه مجاز علاقته اللزوم والقرينة المانعة هو امتناع حقيقة الحرج والضيق من الكتاب وان جوّزتها فهو كناية (قلت) في الأساس ضاق المكان وتضايق ومن المجاز وقع في مضيق من أمره، وضاق عليه صدره فلا وجه للتردّد في كونه
مجازاً لكته شاع في ذلك، وصار حقيقة عرفية فيه، وحينئذ فمان نظر إلى المتبادر كان مجازاً لأنّ الكتاب لا يحصل منه في نفسه ضيق صدر وان قطع النظر عن ذلك ولوحظ أنه يضيق الصدر منه باعتبار عوراضه كان كناية عن الثك، وليس المراد أنه ممن يصدر الشك منه كما سيأتي تحقيقه في تقرير النهي. قوله: (أو ضيق قلب من تبلينه (فضيق الصدر على حقيقته لكن في الكلام مضاف مقدّر كخوف عدم القبول والتكذيب كما في قوله تعالى: ﴿فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ﴾ [سورة هود، الآية: ٢ ا] قيل منع في الكشف كون الحرج كناية عن الخوف لأنّ ضيق الصدر من الأذى مستفاد من الخوف لا أنّ الخوف من الأذى، كأنه يريد تسليم صحة الحقيقة ومغ صحة الكناية لاستدعاء المعنى كون الخوف من الأذى، وليس فليس ولك أن تمنع فساده فإنه قد يوقع الخوف على سبب المكروه لا عليه كما تقول أخاف من مجيئي إليك لمن أوعدك بالضرب فإن أوّلته بما اً ناله من قبل المجيء، أو مما يفضي إليه فكذا في الآية إذ التأويل ليس أولى من التأويل، ثم على تقدير كون الحرج حقيقة كما في الوجه الثاني تكون الجملة كناية عن عدم المبالاة لإعداء كما في الكشاف وكلام المصنف رحمه الله خليّ عنه فتأمّله. قوله: (وتوجيه النهي إليه للمبالغة) قيل توجيه النهي عن الشيء، وهو مما يوهم إمكان صدور المنهيّ عنه من المنهي إمّا للمبالغة في النهي فإن وقوع الشك في صدره-جير سبب لاتصافه به، والنهي عن السبب نهي عن المسبب بالطريق البرهاني ونفي له عن أصله بالمرّة، كقوله تعالى: ﴿وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ﴾ [سورة المائدة، الآية: ٢] وليس هذا من قبيل لا أرينك هاهنا فإنّ النهي هناك وارد على المسبب مراد به النهي عن السبب فالمآل نهيه عما يورث الحرج، اهـ وما ذكره المصنف رحمه الله إشارة إلى ما في الكشاف وتقريره، كما قيل إنّ قوله تعالى: ﴿فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ﴾ نهي للحرج عن الكون في الصدر والحرج مما لا ينهي، فأجاب بأنّ المراد نهي المخاطب عن التعرّض للحرج بطريق الكنابة كما في قوله لا أرينك هاهنا، فإنه نهي المتكلم عن رؤية المخاطب والمراد نهي المخاطب أي لا تكونن هاهنا فإنّ رؤيتي إياك مستلزمة لكونك هاهنا فعدم كونك هاهنا مستلزم لعدم رؤيتي إياك فأطلق اللازم وهو عدم الرؤية وأراد الملزوم، وهو عدم الكون هاهنا فكذا في الآية عدم كون الحرج في صدره من لوازم عدم كونه متعرّضا للحرج، فإطلاق نهي الحرج على نهيه عنه كناية ومثله في الأمر وليجدوا فيكم غلظة ظاهره أمر المشركين، والمعنى على أنه أمر المؤمنين بأن يغلظوا على المشركيت ففي قوله فلا يكن في صدرك حرج كناية مترتبة على كناية، وقيل عليه الظاهر أنه مجاز لا كناية لأنّ الكناية لا تنافي الحقيقة، وهو الفارق بينها وبين المجاز وهنا يمتنع إرادة حقيقة نهي الإنسان نفسه نعم يجوز جعل كون الحرج في الصدر كناية عن كونه حرج الصدر فلك أن تعتبره كذلك، ثم تسلط النهي عليه فيحتمل أنهم أرادوا ذلك وسموا النهي أيضاً كناية تبعاً.
(أقول) استعمال الملزوم، وإرادة اللازم والتصرف هنا لا يخلو إمّا أن يكون في النهي،
أو المنهي أو المنهى عته، وليس المراد الأوّل لأنّ النهي باق بحاله لم يتجوّز فيه، ولم يكن به عن شيء إذ معنى لا أرينك لا تحضر ومعنى الآية لا تحم حول حمى الحرج وكذا المنهي، وهو المخاطب والحرج لم يقصد به شيء آخر يتعلق به النهي فتعين أنّ المراد المنهيّ عنه، وهو رؤيته له إذ كني بها عن حضوره لاستلزام أحدهما للأخر وكذا كونه حرجا كني به عن تعاطي ما يؤدّي إليه، والمعنى الحقيقي هنا تجوز إرادته قبل دخول النهي قطعاً


الصفحة التالية
Icon