تفسيرا للذين يتقون الأوّل ومنهم إشارة إلى التقدير، وللذين يتقون على الثاني، ويأمرهم إن لم يكن خبراً فهو حال أو مستأنف، وفيه وجوه أخر.
قوله:) وإنما سماه رسولاً بالإضافة إلى الله الخ (في الكشاف هنا تفسير الرسول بالذي يوحى إليه كتاب، والنبيّ بالذي له معجزة فقال النحرير: هو إشارة إلى الفرق بين النبيئ والرسول بأن الرسول من يكون له كتاب خاص، والنبيّ أعم وان كان مفهوم الرسالة أيضا أعم كالمرسل، وفاقا بدليل إن إسماعيل ولوطا والياس ويونس عليهم الصلاة والسلام من المرسلين وليس لهم كتاب خاص، ويعني أنّ الفرق المذكور مع تغاير المفهومين على كل حال من عرف الشرع والاستعمال وأما الوضع والحقيقة اللغوية فهما عامان، وقد ورد في القرآن بالاستعمالين، فلا تعارض بينهما، ولا يرد أنّ ذكر النبيّ العام بعد الخاص لا يفيد والمعروف في مثله
العكس، واندفع ما في الكشف من أن ما ذكره الكشاف غير سديد لأن أكثر الرسل لم يكونوا أصحاب كتاب مستقل كيف، وقد نص تعالى على أنّ إسماعيل ولوطا والياس ويونس من المرسلين ولا كتاب لهم وكم وكم، والتحقيق أن النبيّ هو الذي ينبىء عن ذاته وصفاته، وما لا تستقل العقول بروايته ابتداء بلا واسطة بشر، والرسول هو المأمور مع ذلك باصلاج النبوّة فالنبوّة نظر فيها إلى الأنباء عن الله تعالى، والرسالة إلى المبعوث إليهم عكس ما ذكره المصنف رحمه الله والثاني، دهان كان أخص وجود إلا أنهما مفهومان مفترقان، ولهذا لم يكن رسولاً نبيا مثل إنسان حيوان اهـ، والمصنف رحمه الله فرق بينهما بفرق آخر، وهو أن الرسول من أرسله الله لتبليغ أحكامه والنبيّ من أنبأ الخلق عن الله فالأوّل يعتبر فيه الإضافة إلى الله، ولذا قدم عليه لتقدّم إرسال الله له على تبليغه وشرفه، والثاني يعتبر فيه الإضافة إلى الخلق فلذا أخر والنبيّ فعيل بمعنى اسم الفاعل، ويشهد له أن الجاري في الاستعمال نبينا ورسول الله العكس قليل، ولذا قيل إن المصنف أشار إلى أنهما هنا على معناهما اللغوي لإجرائهما على ذات واحدة كما إنهما كذلك في قوله: ﴿وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا﴾ [سورة مريم، الآية: ٥٤] ولذا قال ثمة أرسله إلى الخلق فأنبأهم فلم يفرق بينهما، ولما تعددت الذوات وقوبل بينهما في قوله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ﴾ [سورة الحج، الآية: ٥٢] في الحج احتاج إلى الفزق المشهور فقال الرسول من بعثه الله بشريعة مجددة يدعو الناس إليها، والنبيّ يعمه ومن بعثه لتقرير شرع سابق فلا يرد عليه النقض بإسماعيل ﷺ ونحوه لحمله على معناه اللغوي وبهذا اندفع كل ما أوردوه هنا. قوله:) الذي لا يكتب ولا يقرأ الخ) كونه-لمجيه لا يكتب ولا يقرأ أمر مقرّر مشهور، وهل صدر عنه ذلك في كتابة صلح الحديبية كما هو ظاهر الحديث المشهور أو أنه لم يكتب وإنما أسند إليه مجازاً، وقيل إنه صدر منه ذلك على سبيل المعجزة وتفصيله في فتح الباري، وهو نسبة إلى أفة العرب لأن الغالب عليهم كأن ذلك، كما في الحديث: إ إنا أمّة أئية لا نكتب ولا نحسب ") ١ (، وأما نسبته إلى أتم القرى فلأنّ أهلها كانوا كذلك أو إلى اً ته كاً نه على الحالة التي ولدته أقه عليها، وقيل إنه منسوب إلى الأئم بفتح الهمزة بمعنى القصد لأنه المقصود وضم الهمزة من تغيير النسب، ويؤيده قراءة يعقوب الأمي بفتح الهمزة وإن احتملت أن تكون من تغيير النسب أيضأ، وقوله وصفه به الخ يعني أن هذه الصفة فيها مدح وعلؤ كعب لأنها معجزة كما في البردة كفاك بالعلم في الأقيّ معجزة كما أنّ صفة التكبر دته مادحة وفي غيره ذاتة.
قوله: (ويحل لهم الطيبات الخ) في تفسير الطيبات والخبائث قولان، أحدهما أنها الأشياء التي يستطيبها ويستخبثها الطبع فتكون الآية دالة على أنّ الأصل في كل ما تستطيبه النفس، ويستلذه الطبع الحل وفي كل ما يستخبثه الطبع الحرمة إلا لدليل منفصل، والثاني ما طاب في حكم الشرع وما خبث فيه، قيل ولا شك أنّ معناه حينئذ ما حكم الشرع بحله أو حكم بحرمته، وحينئذ يرجع الكلام إلى أنه يحل ما يحكم بحله ويحرّم ما يحكم بحرمته ولا فائدة فيه وردّوه بأنه يفيد فائدة وأيّ فائدة لأنّ معناه أنّ الحل والحرمة يحكم الشرع لا بالعقل والرأي كتحريم بني إسرائيل للشحوم كما يشير إليه قوله مما حرّم عليهم كالشحوم، قيل إنه قيده لاقتضاء التحليل سبق التحريم، ولذا لم يفسره بما طاب في الشريعة كما في الكشاف، وجوّز كون الخبائث