إلا أن الرؤية مصدر رأي البصرية الدالة على إدراك مخصوص، والرؤيا مصدر رأي الحلمية الدالة على ما يقع في النوم سواء كان مرئيا أو لا وهو قول تقدم ما يخالفه فلا يرد عليه شيء كما توهم ففرق بين مصدر المعنيين بالتأنيثين كالقربة للتقزب المعنوي بعبادة ونحوها، والقربى للنسبي. توله: (وهي (أي الرؤيا انطباع الصورة المنحدرة من أفق المتخيلة الخ. قيل عليه لا يلزم في الرؤيا الانحدار من المتخيلة لأن الإنسان إذا أدرك شيئأ وبقيت صورة ذلك المدرك في الخيال فبعد النوم ترتسم في الحس المشترك تلك الصورة التي بقيت مخزونة في الخيال، وهي من أقسام الرؤيا مع أنه لا يصدق التعريف المذكور عليها ولا مجال لأن يقال التعريف للصادقة منها لمكان قوله، والصادقة منها الخ. ثم إن ما ذكره مبنيئ على أصول الفلسفة، وقول المتكلمين في الرؤيا غير ذلك (قلت (هذا غير وارد كما بينه النفيسي في شرح الأسباب والعلامات حيث قال إذا ضعف الخيال بالنوم لم يحفظ الصور في اليقظة على المجرى الطبيعي حتى تتصزف فيها القوّة المتخيلة، وتلقيها على الحس المشترك فتنعكس إليه منه ثانيا فيتذكر عند اليقظة وتفصيل الحواس، وبيان معانيها مفصل في محله فإن قلت المنقول عن المتكلمين إن النوم مضاذ للإدراك وأن الرؤيا خيالات باطلة، وكيف يصح هذا القول مع شهادة الكتاب، والسنة بصحة الرؤيا قلت دفع هذا بأن مرادهم أن كون ما يتخيله النائم إدراكاً بالبصر رؤية وكون ما يتخيله إدراكا بالسمع سمع باطل فلا ينافي حقيته بمعنى كونه أمارة لبعض الأشياء لذلك الشيء بنفسه أو ما يضاهيه، ويحاكيه فتأمل والانطباع مجاز مشهور في الارتسام في القوى الباطنة، وأفق المتخيلة استعارة لتلك القوّة، والملكوت عالم الملكوت، والتناسب هو التجزد، وعند فراغها متعلق باتصال، وقوله أدنى فراغ لعدم قطع العلاقة كما في الموت، وقوله فتتصوّر أي يحصل لها صورة، وإدراك وتحاكيه بمعنى تحكيه أو تشابهه بصورة أخرى
وقوله، ثم إن كانت أي تلك الصورة، وقوله بالكلية أي في المبادي، والجزئية في الحس المشترك، واستغناؤه عن التعبير في الأغلب ألا ترى إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه لما رأى ذبح ابنه عبر له بالقربان مع شدة مناسبته، ولذا أراد ذبحه بناء على أغلب حاله فتأمّل. قوله: (وإنما عدى كاد باللام) قد مرّ تقريره، وقوله تأكيدا يعني أن التضمين لتأكيد المعنى بإفادة معنى الفعلين جميعا، وقوله ولذلك أي لكون القصد التأكيد والمقام مقامه، وقوله وعلله الخ لأن بيان علة الشيء تفيد نوع تقرير له. قوله: (ظاهر العداوة) بيان لأن مبين من أبان اللازم، وقوله فلا يألو جهداً الخ. بيان لكونه تعليلا لما قبله وقوله، وكما اجتباك لمثل هذه الرؤيا الخ هذا جرى على ما سلف من تغاير المشبه والمشبه به، والزمخشري يجعل المشبه، والمشبه به مصدر الفعل المذكور، وكذلك في محل نصب صفة لمصدر مقدر، وقيل إنه خبر مبتدأ محذوف أي الأمر كذلك، وقوله أو لأمور عظام فيكون المعنى أعمّ مما قبله، ويشمل إغناء أهله ودفع القحط ببركته، ويجتبى بمعنى يختار من الجباية لأنه إنما يجتبى ما يطلب، ويختار. قوله: (كلام مبتدأ الخ (أي مستأنف، وقوله وهو يعلمك على عادتهم في تقدير المبتدأ فيما يستأنف، ولذا قيل إنه يحتمل الحالية بتقدير المبتدأ أيضاً لأنّ الجملة المضارعية لا تقترن بالواو. قوله: (خارج عن التشبيه) قيل لأنّ الظاهر أن يشبه الاجتباء بالاجتباء، والتعليم غير الاجتباء فلا يشبه به، وفيه نظر لأنّ التعليم نوع من الاجتباء، والنوع يشبه بالنوع، وقيل إنه يصير المعنى، ويعلمك تعليما مثل الاجتباء بمثل هذه الرؤية ولا يخفى سماجته فإن الاجتباء وجه الشبه، ولم يلاحظ في التعليم ذلك) قلت (ولا مانع من جعله داخلا فيه على أنّ المعنيّ بذلك الإكرام بتلك الرؤيا أي كما أكرمك بهذه المبشرات يكرمك بالاجتباء، والتعليم ولا تكلف فيه بجعله تشبيهيا، وتقدير كذلك والرأي بضم الراء وفتح الهمزة وألف مقصور جمع رؤيا ووقوع في نسخة الرؤيا لأنها مصدر يصدق على الكثير. قوله: (لآنها أحاديث الملك إن كانت صادقة الخ (هذا مذهب المحدثين فيها، وما مرّ مذهب الحكماء، وهذا تعليل لإطلاق الأحاديث على المنامات وأحاديث النفس، والشيطان مجاز عن الوسوسة، والخيالات، ولذا سموها دعابة الشيطان، وعلى التفسير