ناطق بالحكمة على طريق الاستعارة بالكتابة، واثبات الحكمة قرينة لها تخييلية، والحكمة، وهي الحق والصواب صفة لله لكنه لإشتماله عليها أو لمشابهته للناطق بها وصف بها. قوله: (أو لأنه كلام حكيم) فالمعنى حكيم قائلة فالتجوّز في الإسناد كليله قائم، ونهاره صائم. قوله: (أو محكم آياته لم ينخ شيء منها) أي بكتاب آخر لمنافاته لما سيأتي، وهو عطف بحسب المعنى على ما قبله لأنه في قوّة لأنه مشتمل ففعيل بمعنى مفعل على ما فيه، وهذأ بناء على أنّ المراد بالكتاب السورة وأنه لا منسوخ فيها، والمحكم يقع في مقابلة المتشابه، وفي مقابلة المنسوخ، وكونه إشارة إلى الكتب المتقدّمة من التوراة والإنجيل، والزبور كما قيل بعيد، ولذا تركه المصنف رحمه الله. قوله: (استفهام إنكار للتعجب) في الكشاف الهمزة لإنكار التعجب والتعجيب منه أي لإنكار تعجب الكفار من الإيحاء كما سيذكره والتعجيب السامعين من تعجبهم لوقوعه في غير محله فإن كان مراد المصنف رحمه الله ما ذكره الزمخشري فلام للتعجب صلة الإنكار وهو الظاهر، ويحتمل أن يكون صفة أي إنكار كائن للتعجب أي لبيان أنه مما يتعجب منه إذ التعجب لا يجري عليه تعالى والجزم بأنه تعريض للزمخشري ومخالفة له دعوى من غير دليل، وتقديم خبر كان لأنه مصبّ الإنكار. قوله: (وقرئ بالرفع) أي برفع عجب على أنه اسم كان وهو نكرة و ﴿أَنْ أَوْحَيْنَا﴾ المعرفة خبره ومن ذهب إلى أنه لا ينبغي الحمل عليه جعل كان تامّة و ﴿أَنْ أَوْحَيْنَا﴾ بدل منه بدل كل من كل أو اشتمال أو بتقدير حرف جرّ أي لأنّ أوحينا أو من أن أوحينا. وهو أظهر من البدلية، وقول المصنف رحمه الله على أنّ الأمر بالعكس أي عكس المعروف في كلام العرب، وهو الإخبار عن المعرفة بالنكرة فيكون هذا ذهابا إلى جوازه مطلقا أو في باب النواسخ مطلقا أو إذا كانت مدخولة للنفي أو ما هو في حكمه كالاستفهام الإنكارقي على ما فصله النحرير في شرح التلخيص، ويحتمل أن يريد بالعكس القلب إمّا على قبوله مطلقا أو إذا تضمن لطيفة فإن وجدت قبل إلا عدل عنه إلى الوجوه الأخر فإن قلت هنا وجه أظهر، وهو أنّ للناس خبر كان وعليه اقتصر في اللوامح فلم تركوه قلت تركوه لأنه ركيك معنى لأنه يفيد إنكار صدوره من الناس لا مطلقا، وفيه ركاكة ظاهرة فتأمّل. قوله:) واللام للدلالة على أنهم الخ) يعني ليس متعلقاً به على طريق المفعولية كقوله:
عجبت لسعي الدهر بيني وبينها
لأنّ معمول المصدر لا يتقدم عله بل هي للبيان كما في هيت لك وسقيا لك فمتعلقها مقدّر، ومنهم من جوّزه بناء على التسمح في الظرف أو لأنه بمعنى المعجب والمصدر إذا كان
بمعنى مفعول أو فاعل يجوز تقديم معموله عليه كما ذكره النحاة، وجوّز أيضا تعلقه بكان، وإن كانت ناقصة بناء على جوازه. قوله: (من أفناء رجالهم) أفناء بفتح الهمزة وسكون الفاء، والنون والمد وهذه العبارة وان استعملت في خمول النسب فليس بمراد لأن نسبه فيهم، وشرفه نار على علم بل المراد أنه ممن لم يشتهر بالجاه، والمال اللذين اعتقدوا أنهما سبب العز والإجلال لجهلهم، وجاهليتهم لأنه قد يستعمل لعدم التعيين مطلقاً أو التعيين كقول أبي تمام:
من مبلغ أفناءيعرب كلها إني بنيت الجارقبل المنزل
يقال هو من أفناء الناس إذا لم يعلم ممن هو قاله الجوهرفي، وتال الأزهريّ عن ابن الأعرابيّ أعفاء الناس وأفناؤهم أخلاطهم الواحد عفو وفنو، وعن أبي حاتم عن أمّ الهيتم هؤلاء من أفناء الناس،. ولا يقال في الواحد هو من أفناء الناس وفسروه بقوم تراع من هاهنا ومن هاهنا، ولم تعرف أمّ الهيتم الإفناء واحدأ والمراد بالخلط إبهام النسب وليس بمراد هنا، ومراد أبي تمام التعميم ومنهم من اعترض على المصنف رحمه الله ومتابعته الزمخشريّ في هذه العبارة، واختار أنّ المراد برجل أنه مشهور بينهم بالجلالة، والعفة والصدق كما قال: ﴿لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ﴾ [سورة التوبة، الآية: ٢٨ أ] فإنه محل الإنكار وهو أنسب بالمقام وهو غير ظاهر لأنه وإن كان أعظم مما ذكر لكن السياق يقتضي بيان كفرهم، وتذليلهم وتحقيرهم لمن أعزه الله، وعظمه وما ذكره يناسب القسم الثاني لا الأوّل فقط خلط تفسيراً بآخر لأن تعجبهم يحتمل أن يكون لكونه ليس له مال وجاه كقوله تعالى: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ [سورة الزخرف، الآية: ٣١] أو لكونه من البشر كقوله