أهل السنة، وقوله أو على صحة دعائكم قيل هذا أولى مما قبله، ولهذا اقتصر عليه في قوله الآتي حتى يأتي بما اقترحوه. قوله: (وجعلوا الموجب لاختصاصهم بالنبؤة الخ) هذا هو مذهب أهل السنة، وليس يلزم منه نفي الفضيلة والمزية، وأنها غير لازمة للنبوّة بل أنها غير موجبة لذلك، وان كانوا جميعا لهم مزايا وخواص مرجحة لهم على غيرهم كما مرّ تحقيقه في قوله الله أعلم حيث يجعل رسالته، وقوله ليس لنا الإتيان بالآيات أي ليس مقدوراً لنا، وقوله ولا تستبده استطاعتنا أي لا تستقل به، وكان الظاهر أن يقول تستبد به، وقد تقدم تحقيقه، وقوله حتى نأتي بما اقترحتموه إشارة إلى ترجيح الوجه الثاني كما أشرنا إله. قوله: (فلنتوكل عليه في الصبر الخ (إشارة إلى دخولهم في المأمورين بالتوكل لدلالة ما بعده عليه حيث ذكر بصيغة المتكلم مع الغير، وان اختلف في دخول المتكلم في عموم كلامه كما بي في الأصول لأنّ محل الخلاف ما لم يعلم دخوله فيه بالطريق الأولى أو تقم عليه قرينة كما هنا، وقوله عمموا الأمر أي بالتوكل لأن موجبه الإيمان، وهو عام فيعمّ ما يستوجبه، وايمانهم أقوى فيقتضي أن توكلهم أعظم من توكل غيرهم، وقوله وقصدوا به أنفسهم لما مرّ فليس القصد أمر غيرهم فقط، واحتمال أن يراد بالمؤمنين أنفسهم، وما لنا التفات لا التفات إليه، والجمع بين الفاء، والواو تقدم تحقيقه في سورة يوسف عليه الصلاة والسلام، وقوله أي عذر الخ إشارة إلى أنّ ما استفهامية للسؤال عن السبب، والعذر، وأن لا نتوكل بتقديو في. قوله:) التي بها نعرفه (يعني
أنّ السبل بمعنى الطرق إلى معرفة الله التي هدى الباس إليها، وقوله بالتخفيف أي بسكون الباء، وقراءة غيره بضمها، وهو الأصل فيه، وقوله أكدوا به الخ، لأنه فسر التوكل على الله بالاعتماد عليه في أمرهم بالصبر ليكون معناهما واحداً بحسب المآل. قوله: (فليثبت المتوكلون) فسره به لأنه أسند إلى المتوكل فيقتضي سبق توكله كما مرّ في نحو السلاح عصمة للمعتصم، وقوله هدى للمتقين لأنه لو لم يرد هذا كان المتوكل بمعنى مريد التوكل مجازا، وحينئذ يتكرر مع ما مرّ فلذا رجح التجوّز في المسند دفعا للتكرار إذ لا بد من التجوّز في أحد الطرفين فمن أعترض على ذكر المرجح بأنّ التكرار للاهتمام غير منكر فتأويله إنما هو لئلا يكون المتوكل بمعنى مريد التوكل فقد وهم. قوله: (حلفوا على أن يكون أحد الأمرين الخ) إشارة إلى أنّ قوله لنخرجنكم جواب القسم، ورفع لأنّ العود ليس فعل القسم فكيف يقسم على فعل الغير، وليس في وسعه لأنّ أحد الأمرين في وسعه، وقوله وهو بمعنى الصيرورة، وهي الانتقال من حال إلى أخرى إشارة إلى دفع ما يتوهم من أنّ العود يقتضي أنهم كانوا في ملة الكفر قبله، وليس كذلك فدفعه أوّلاً بأن عاد بمعنى صار وهو كثير الاستعمال بهذا المعنى فلا يقتضي ماذكر، واعترض على هذا في الفرائد بأنه لو كان عاد بمعنى صار لقيل إلى ملتنا فتعديته بفي تقتضي أنه ضمن معنى الدخول المتعدي بها أي لتدخلن في ملتنا ورد بأنه إنما يلزم ما ذكر لو كان في ملتنا صلة عاد أمّا إذا جعل خبراً لها لأنها بمعنى صار وهي من أخوات كان فلا يرد ما ذكر كما في نحو صار زيد في الدار نعم مما ذكره يفعهم وجه آخر، وهو جعله مجازأ بمعنى تدخلن لا تضمينا لأنه يقصد فيه المعنيان فلا يدفع المحذور، وهنا جواب آخر، وهو أنه على ظنهم، وزعمهم أنهم كانوا من أهل ملتهم قبل إظهار الدعوة كقول فرعون لموسى صلى الله عليه وسلم: ﴿وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ [سورة الشعراء، الآية: ١٩]. قوله: (ويجوز ان يكون الخطاب لكل رسول ولمن آمن معه الخ) عطف بحسب المعنى على قوله بمعنى الصيرورة يعني أنّ الخطاب ليس للرسل عليهم الصلاة والسلام بل لهم، ولقومهم فغلبوا عليهم في نسبة العود إلميهم فإن كانوا حاضرين فظاهر، والا ففيه تغليب آخر في الخطاب كما مرّ في قصة شعيب كليه الصلاة والسلام. قوله:) على إضمار القول) أي فعل الإيحاء لا يلائم لنهلكن، وأوحى لا مفعول له أو هو مفعوله لكونه في معنى القول على المذهبين المشهورين في أمثاله، والمراد بالظالمين
المشركون لقوله تعالى إن الشرك لظلم عظيم، وهم لما أرادوا إخراجهم من ديارهم أخرجهم الله من دار الدنيا، وأورثهم أرضهم وديارهم كما في الحديث " من أذى جاره أورثه الله داره " وقوله أرضهم إشارة إلى أنّ التعريف للعهد لا عوض


الصفحة التالية
Icon