فقط، واتصاله ظاهر، وسكت عن كونه من كلام الاتباع المذكور في الكشاف للفاصل بينهما، وأن وجهه بأنّ عتابهم لهم جزع فمن ادّعى أنّ الوجوه الثلاثة مندرجة في كلامه لا حجة له، وفيه ردّ على الزمخشري إذ جعل الأثر مؤيداً لكونه من كلام كبرائهم ووجهه أنه جنح إلى أنهم الآمرون لهم، وجزعهم رجاء لرحمة الله وكذا صبرهم. قوله: (وقال الشيطان) وهو خطيب جهنم روى القرطبيّ رحمه الله تعالى أنهم يقولون له اشفع لنا فإنك أضللتنا فيقوم خطيبا فيهم، ويقول إنّ الله وعدكم وعد الحق الخ. وقوله وعدا من حقه الخ إشارة إلى أنه من إضافة الصفة إلى موصوفها بالتأويل المشهور، وقوله أو وعدا أنجزه فهو بمعناه المصدري وقيل مراده أنّ الوعد لا يتصف بالحق إلا وقت إنجاز. ، وعلى الأوّل يتصف به وقت صدوره، وكلا المعنيين يناسب معناه اللغوي،
والثاني أنسب به، وقيل إنه على الثاني مقابلة فأخلقتكم، وعلى الأوّل مقابفه محذوف بقرينة الكلام الثاني أي فوفى، وأنجز كما أنّ مقابل وعد الحق محذوف من الثاني لقرينة الأوّل وهو من الإيجاز البليغ فتأمل، وقيل الأوّل باعتبار استحقاقه للإنجاز، والثاني لاتصافه بالإنجاز بالفعل. قوله: (وعد الباطل) فسره به لدلالة مقابله، ودلالة قوله فأخلفتكم عليه، وقوله جعل تبين خلف وعده يعني أنه استعير الإخلاف لعدم تحقق ما أخبر به وكذبه، ولو جعل مشاكلة لصح أيضا، وقوله تسلط فهو مصدر وهو تبرّ منهم، ومنهم من فسره بالحجة، وهو حسن. قوله: (وهو ليس من جنس السلطان) أي حقيقة ولكته من جنسه ادعاء فلذا كان الاستثناء متصلا من تأكيد الشيء بضد. كقوله:
وخيل قددلفت لهابخيل تحية بينهم ضرب وجيع
وهو من التهكم، وكونه استعارة أو تشبيهاً أو غيرهما غير صحيح كما تقدم تحقيقه في سورة البقرة فإن لم يعتبر فيه التهكم والادعاء يكون الاستثناء منقطعا على حد قوله:
وبلدة ليس بها أنيسى إلا اليعافير والا العيسى
قوله:) أسرعتم إجابتي) مستفادة من الفاء، وقيل من السين لأنها، وان كانت بمعنى الإجابة لكنه عد من التجريد، وأنهم كأنهم طلبوا ذلك من أنفسهم فيقتضي ذلك السرعة، وهو بعيد، وقوله صرح العداوة الخ. صرح يكون لازما، ومتعديا يقال صرح الشيء، وصرح هو أي انكشف قاله المرزوقيّ في قوله:
فلما صرّج السرّ فأس! ى وهوعريان
وتصريحه بقوله: ﴿لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [سورة الأعراف، ألاية: ١٦] وقوله بأمثال ذلك أي لا يلام بالوسوسة بعد تبين أنه عدوّ لهم، وإنما اللوم عليهم في اتباع عدوّهم، وترك سيدهم، وخالقهم المنعم عليهم كما بينه بقوله ولوموا أنفسكم. قوله: (واحتجت المعتزلة بأمثال ذلك على استقلال العبد بأفعاله (وكونها مخلوقة له، والجواب ما ذكره المصنف رحمه
الله لا أنه من- جملام الشيطان فلا يكون- حجة لأنه ذكر من كير إنكار، وان كان عدم الإنكار لا يدل على القبول أيضا. قوله: (بمغيثكم من العذاب) إشارة إلى أنّ المصرخ من الصراخ، وهو مدّ الصوت بمعنى المغيث يقال استصرخته فأصرخني أي أغاثني، والهمزة للسلب يعني أزال صراخي والصارخ هو المستغيث قال:
فلاتصرخوا إني لكم غيرمصرخ وليس لكم عندي غناء ولانصر
قوله: (وقرأ حمزة بكسر الياء على الأصل في التقاء الساكنين) بيع أصله مصرخين ليس فأضيف، وحذفت نون الجمع للإضافة فللثقت ياء الجمع الساكنة، وياء / المتكلم، والأصل فيها السكون فكسرت لالتقاء الساكنين وأدغمت، وقد طعن في هذه القراءة الزجاج رحمه الله، واستضعفها تبعاً للفراء، وتبعه الزمخشري، والمصنف رحمه الله والإمام، وهو وهم منهم فإنها قراءة متواترة عن السلف، والخلف فلا يجوز أن يقا-ل إنها خطا أو قبيحة، وقد وجهت بأنها لغة بني يربوع كما نقله قطرب، وأبو عمرو ونحاة الكوفة فإنهم يكسرون ياء المتكلم إذا كان قبلها ياء أخرى، ويوصلونها، يياء كعلمى ولدحي، وقد يكتفون بالكسرة قال الأغلب العجلي:
أقبل في ثوب معافرقي عنداختلاط الليل والعشيّ
ماض إذا ما همّ بالمضيّ قال لهاهل لك ياتافيّ


الصفحة التالية
Icon