محتاج إليه في أداء هذا المعنى، وفيه تأمّل فالمثل بمعنى التشبيه التمثيلي لا الاستعارة.
قوله: (ويجوز أن تكون كلمة بدلاً من مثلاَ) قيل عليه أنه لا معنى لقولك ضرب الله كلمة
طيبة إلا بضم مثلا إليه فمثلاً هو المقصود بالنسبة فكيف يبدل منه غيره، وهذا بناء على ظاهر قول النحاة إن المبدل منه في نية الطرح، وهو غير مسلم، وهذا الوجه مبنيّ على تعدي ضرب إلى مفعول واحد، والبدل قيل إنه بدل اشتمال، ولو جعل بدل كل من كل لم يبعد، وقوله وأن تكون أوّل مفعولي ضرب الخ بناء على أنها تتعدى إلى مفعولين كما مرّ تفصيله إمّا لكونه بمعنى جعل، واتخذ أو لتضمنه معناه، ولا يرد عليه بأنّ المعنى أنه تعالى ضرب لكلمة طيبة مثلا لا كلمة طيبة مثلاً لأنّ المثل عليه بمعنى الممثل به، والتقدير ذات مثل أولها مثلاً. قوله: (وقد قرئت) أي كلمة بالرفع على الابتداء لكونها نكرة موصوفة، والخبر كشجرة، ويجوز أن تكون خبر مبتدأ محذوف أيضا وكشجرة صفة أخرى، والجملة خبر لمبتدأ مقدّر، وهي تفسير لقوله ضرب الله مثلاً عليهما، وقوله ضارب بعروقه فيها تفسير للأصل بالعروق الداخلة في الأرض فضارب من ضرب في الأرض إذا سار فيها تجوز به عن الدخول، وقوله وأعلاها تفسيره
بالأعلى لتفرّعه على الأصل من قولهم فرع الجبل إذا علاه وتوجيه لإفراد. مع أنّ كل شجرة لها فروع بأنه أفرد لأنه أريد به الأعلى أو المراد به الفروع لأنه مضاف والإضافة حيث لا عهد ترد للاستغراق فاكتفى بالواحد أو لأنه مصدر بحسب الأصل، واضافته تفيد العموم، وكلام المصنف رحمه الله يحتملهما، وأفنان جمع فنن بفتحتين، وهو الغصن، والشعبة من الشجر والسماء بمعنى جهة العلو لا المظلة. قوله: (والأوّل على أصله ولذلك قيل إنه أقوى ولعل الثاني أبلغ) كون الأوّل على الأصل الأقوى لإثباته لمن هو له قال ابن جني رحمه الله لأنك إذا قلت ثابت أصلها فقد أجريت الصفة على غير ما هي له، وهو الشجرة إذ الثبات إنما هو للأصل، والصفة إذا كانت في المعنى لما هو من سببه قد تجري عليه لكنها أخص بما هي له لفظا، ومعنى فالأحسن تقديم الأصل عناية به مع ما فيه من حسن التقابل، والتقسيم، وقولك مررت برجل أبوه قائم أقوى من قولك قائم أبوه لأنّ المخبر عنه بالقيام إنما هو الأب لا الرجل مع ما فيه من تكرّر الإسناد، وكون الثاني أبلغ أي أكثر مبالغة لجعل الشجرة بثبات أصولها ثابتة بجميع أغصانها، وقوله تعطي ثمرها تفسير له، ونسبة الإعطاء إليها مجازية. قوله: (وقتة الله تعالى لإلمارها) وفيه نسخة أقته بالهمزة، وهما بمعنى قيل إذا كان المراد من الشجرة النخلة على ما روي فكلها الطلع، والبسر والرطب، والتمر وهو دائم لا ينقطع فلا حاجة إلى التقييد بهذا القيد، ولا يخفى أنه تقييد للإيتاء لا ل! ل فلا بد من تخصيصه بما ذكر، وقوله بإرادة خالقها، وتكوينه مر تحقيقه. قوله: (لأن في ضربها زيادة إفهام وتذكير الخ الأن المعاني العقلية المحضة لا يقبلها الحس، والخيال، والوهم فإذا ذكر ما يلائمها من المحسوسات ترك الحس، والخيال المنازعة، وانطبق المعقول على المحسوس فحصل به الفهم التام، وقد مرّ تفصيله. قوله: (كمثل شجرة) يعني فيه مضاف مقدر، والمثل بمعنى الصفة القريبة وقوله استؤصلت بالهمزة، وتبدل واواً أي قلعت من أصلها، واجتثت مأخوذ من الجثة، وهي البدن يقال اجم! مت الشيء بمعنى اقتلعته فهو افتعال من الجثة كما أشار إليه المصنف رحمه الله قال لقيط الأيادي: هو الجلاء الذي يجتث أصلكم فمن رأى مثل ذا آت ومن سمعا
وقوله بالكلية إشارة إلى أنه عبارة عن ذلك، وقوله لأنّ عروقها قريبة منه أي من الفوق فكأنها فوق بدليل ما بعده، وقوله ما أعرب أي دل وأظهر، وقوله فالكلمة أي على تعميمها المراد بها ما ذكر، وقوله وفسرت الشجرة الطيبة بالنخلة فيكون المقصود تشبيه الكلام الحق بها كما شبه بها (المؤمن) في الحديث ووجه الشبه ثباتها، وعدم تغيرها بحسب الفصول، وطيب ثمرتها. قوله: (وروي ذلك مرفوعاً الخ) قال الحافظ في الدر المنثور أخرجه الترمذقي والنسائي وابن حبان والحاكم وصححه من حديث أنس رضي الله عنه مرفوعاً قال أتى رسول الله ﷺ بقناع من بسر فقال: " مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة حتى بلغ ثؤتي كلها كل حين بإذن ربها قال هي النخلة، ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة حتى بلغ ما لها من قرار قال هي الحنظلة، والكشوت " بالفتح، وتضم والأكشوث بالكاب، والشين المعجمة، والثاء المثلثة


الصفحة التالية
Icon