ويمنعني الشكوى إلى الله أنه عليم بما أشكوه قبل أقول
قوله: (وقيل ما نخفي من وجد الفرقة الخ) فما موصولة، والعائد محذوف، والوجد
بفتح فسكون الحزن والغمّ، وقوله والتوكل أي ذكره أو أثره لأنه بمعناه لا يحسن، واللجأ بفتح اللام، والجيم، والهمز مقصور بمعنى الالتجاء وقوله تعالى: ﴿وَمَا يَخْفَى عَلَى اللهِ﴾ الخ ما اعتراض من كلامه تعالى أو من كلام إبراهيم عليه الصلاة والسلام على الالتفات، وهو كالدليل على ما قبله أي لا يخفى عليه كل معلوم فيعلم السر، والعلن، وقوله بعلم ذاتي فلا يتفاوت بالنسبة إليه معلوم دون معلوم كالبشر والملك. قوله: (أي وهب لي وأنا كبير) يشير إلى أنّ على بمعنى مع وأنّ الجار والمجرور حال كقوله:
إني على ماترين من كبر أعرف من أين يؤكل الكتف
ويصح جعل على بمعناها الأصلي، والاستعلاء مجازفي كما قاله أبو حيان وكلام المصنف رحمه الله تعالى يحتمله، ومعنى استعلائه على الكبر أنه وصل غايته فكأنه تجاوزه، وعلا ظهره كما يقال على رأس السنة أي في آخرها فلا يرد عليه أنّ الأنسب حيئذ جعل الكبر مستعلياً عليه كعليّ دين، وذنب لظهور أثره في الرأس باشتعال شيبه، ويصح إبقاؤها على معناها بمعنى مستمرا متمكناً عليه، وقوله لما فيها في نسخة فيه أي الكبر، وقوله آلائه أي نعمه، والضمير المضاف إليه لله وقوله روي الخ هو وواية، وقيل لأربع وستين وايسحق عليه الصلاة والسلام لسبعين، وقيل لم يولد له إلا بعد مائة وسبع عشرة سنة. قوله: (أي لمجيبه) فهو مجاز كما في سمع الله لمن حمده فإن السمع بمعنى القبول، والإجابة، وقوله وهو من
أبنية المبالغة العاملة عمل الفعل هذا مذهب سيبوبه رحمه الله تعالى إذ جعل أمثلة المبالغة تعمل عمل امسم الفاعل وخالفه كثير من االنحاة فيه فهو مضاف لمفعوله إن أريد به المستقبل، وقيل إنه غير عامل لأنه قصد به الماضي أو الاستمرار وجوّز الزمخشريّ، وتبعه المصنف رحمه الله تعالى أن يكون مضافاً لفاعله المجازي فأصله سميع دعاؤه بجعل الدعاء نفسه سامعا، والمراد أنّ المدعو، وهو الله سامع قيل، وهو بعيد لاستلزامه أن تصاغ الصفة المشبهة من الفعل المتعدّي، وهو قول للفارسي لكنه شرط في إضافتها إلى الفاعل عدم اللبس نحو زيد ظالم العبيد إذ! علم أنّ له عبيداً ظالمين، وهنا فيه الإلباس منتف لأنّ المعنى على الإسناد المجازي، وهو كلام واه لأنّ المجاز خلاف الظاهر فاللبس فيه أشدّ، وكذا ما قيل إنّ عدم اللبس إنما يشترط في إضافته إلى فاعله على القطع، وهو ضعيف جدا، وقوله وفيه إشعار أي في قوله سميع الدعاء بمعنى مجيبه وذلك قوله: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ في آية أخرى وذكر حمده بيان لأنه كان من الشاكرين، وقوله ليكون متعلق بقوله وهب، وتعليل لكونه بعد اليأس. قوله: (معدلاً لها) يكون مجازاً من أقصت العود إذا قوّمته، ومواظباً من قامت السوق إذ أنفقت فأقمتها كما مرّ في سورة البقرة، ولذا قيل لو عطفه بأو كان أولى ورد بأنه جعله قيدا للمعنى الأوّل مأخوذا من صيغة الاسم، والعدول عن الفعل كما أنّ الأوّل من موضوعه فلا يلزم استعمال اللفظ في معنيين مجازيين. قوله: (عطف على المنصوب) أي مفعول اجعل الأوّل، وهو في الحقيقة صفة للمعطوف أي بعضاً من ذريتي، ولولا هذا التقدير كان ركيكاً وقوله تقبل عبادتي فالدعاء بمعنى العبادة لكنه كان الأنسب أن يقال فيه دعاءنا حيمثذ. قوله: (وقد تقدم عنر استغفاره لهما الخ) قد مرّ تفصيله في آخر التوبة لكنه قيل عليه أنّ الذي مرّ استغفار. لأبيه فقط، وقد قال الحسن رحمه الله تعالى إنّ أمّه كانت مؤمنة فلا يحتاج الاستغفار لها إلى عذر، وقيل إنّ المصنف رحمه الله تعالى لم يثبت عنده ذلك وأنّ مراده أنّ عذر استغفاره لهما هنا علم مما مرّ في العذر عن استغفاره لأبيه، وكون المراد بوالديه آدم، وحوّاء في غاية البعد فإنه النسب الواسع. قوله: (يثبت الخ) أي القيام مجاز عن التحقق، والثبوت إمّا مرسل أو استعارة من قام السوق، والحرب ونحوه أو شبه الحساب برجل قائم على الاستعارة المكنية، وأثبت له القيام على التخييل أو المراد يقوم أهل الحساب فحذف المضاف أو أسند إليه ما لأهله مجازا، وقوله وأسند إليه كذا وقع في النسخ، والظاهر أن يقول


الصفحة التالية
Icon