بعدة أو حصن، ولا أحصن، وأحمى من تأييد الله للحق بحيث تزول الجبال يوم تنسف نسفا، ولا يزول وهذا ظاهر لكل ذي بصيرة. قوله: (مثل قوله إنا لننصر وسلنا الخ) بيان لتحقق الوعد ووروده، وقيل المراد بالوعد السابق في قوله، وعند الله مكرهم إذ معناه المجازاة عليه كما مرّ. قوله: (لىلذافاً بأنه لا يخلف الوعد أصلاَ كقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ [سورة الرعد، الآية: ٣١] ) كذا في الكشاف، وقيل عليه إن الفعل إذا تقيد بمفعول انقطع احتمال إطلاقه، وهو هنا كذلك فليس تقديم الوعد دالاً على إطلاق الوعد بل على العناية والاهتمام به لأنّ الآية سيقت لتهديد الظالمين بما وعد الله على ألسنة رسله عليهم الصلاة والسلام، فالمهمّ ذكر الوعد، وكونه على ألسنة الرسل عليهم الصلاة والسلام لا يتوقف عليه التهديد، والتخويف، وقيل إنه قوفي لكن ما ردّه هو القاعدة عند أهل البيان كما قال عبد القاهر في قوله: ﴿وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ﴾ [سورة الأنعام، الآية: ١٠٠] إنه قدم شركاء للإيذان بأنه لا ينبغي أن يتخذ لله شركاء مطلقا، ثم ذكر الجن تحقيراً فإذا لم يتخذ من غير الجن فالجن أحق بأن لا يتخذوا، وهذا لا يدفع السؤال بل يؤيده، وكذا ما ذكره الشارح الطيبي رحمه الله تعالى فإنه مع تطويله لم يأت بطائل فالوجه ما في الكشف من أنّ تقديمه يقتضي الاعتناء به، وأنه المقصود بالإفادة، وما ذكره ممن وقع الوعد على لسانه إنما ذكر بطريق التبع للإيضاح، والتفصيل بعد الإجمال، وهو من أسلوب الترقي كما في قوله: ﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ [سورة طه، الآية: ٢٥] وقد أشار إليه المصنف رحمه الله تعالى بقوله
فكيف يخلف رسله وتوهم صاحب الانتصاف هنا كتوهم صاحب التقريب هناك فتدبر؟ وقوله غالب لا يماكر الخ بيان لارتباط الخاتمة بالفاتحة، وكذا ما بعده. قوله: (بدل من يوم يأتيهم) بدل كل من كل أو عامله مقدر باذكر أو لا يخلف وعده بقرينة مخلف وعده، وقوله ولا يجوز الخ تبع فيه أبا البقاء رحمه الله تعالى إذ منع كونه معمول مخلف أو وعده لما ذكر ورد بأنّ الجملة اعتراضية فلا تعذ فاصلا والعجب فإنه إذا كان بدلاً يكون العامل فيه أنذر فيلزم عليه عمل ما قبل إن فيما بعدها فكأنه ذهب إلى أنّ البدل له عامل مقدر، وهو ضعيف قال أبو حيان رحمه الله تعالى والظاهر أنه استئناف. قوله: (والتبديل يكون في الذات كقولك بدلت الدراهم بالدنانير الخ) كون التبديل شاملاً للقسمين مما لا كلام فيه كما فصله في الكشف إلا أنه ذكر في قوله: ﴿بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا﴾ [سورة النساء، الآية: ٥٦] أن المعنى خلق جلوداً أخر غير الأولى لأنه المتبادر من قوله غيرها، ولا يلزمه تعذيب غير المجرم فإنه مع كونه غير ممتنع غير وارد لأنّ المعذب الروح، والبدن ا-لة لها، وقد اختار في سورة النساء أنه من تبديل الصفة بأن يعاد ذلك الجلد بعينه على صفة أخرى كتبديل الخاتم قرطاً أو بأن يزال عنه أثر الإحراق ليقوي إحساسه للعذاب، ولكل وجهة. قوله: (وعليه قوله ﴿يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ﴾ ) هذا بناء على ما سيأتي في الفرقان من أنّ المعنى أنه يثبت لهم بدل كل عقاب ثواباً جزاء لما عملوه من مآثر الجاهلية سمعة، ورياء بعدما أسلموا فهي حسنات باقية بعينها بعدما أزيل عنها صفة السوء، وهي الرياء، وسيأتي فيها وجوه أخر منها ما هو على أنه تبديل في الذات، وقوله والآية تحتملهما سيأتي تفصيله فما روي عن عليّ كرّم الله وجهه يدلّ على أنه تبديل في الذات، " وكذا ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه ظاهر فيه وما روي عن ابن عباص رضي الله تعالى عنهما " (١) صريح في تبديل الصفة، والأديم الجلد والعكاظي منسوب إلى عكاظ، وهو محل
معروف كان يعمل فيه أو يباع فيه كذلك. قوله: (ارضاً وسماء على الحقيقة) أي من أفراد ذلك الجنس حقيقة كما أنه يجوز أن يكون غيره، وقوله ولا يبعد على الثاني أي تبديل الصفة قيل بل هو بعيد لأنه يلزم أن تكون الجنة، والنار غير مخلوقتين الآن، والثابت في الكلام، والحديث خلافه، وأجيب بأنّ الثابت خلقهما مطلقا لا خلق كليهما فيجوز أن يكون الموجود الآن بعضهما، ثم تصير السماوات والأرض! بعضا منهما، وهذا وان صححه لا يقر به، ووجه دلالة الآيتين أنهما في جهة علو، وسفل وتعبير. بأشعر يقتضي أنه خفيّ مع أنّ وجه الإشعار فيه نظر، وأغرب منه جعل الإمام هذا دليلاَ عليه، وقوله لمحاسبته يعني أنه على تقدير مضاف لظهورهم له قبل ذلك. قوله: (للدلالة على أن الآمر في غاية الصعوبة) أي أمر يوم الحساب، والجزاء لأنهم إذا كانوا واقفين عند ملك عظيم


الصفحة التالية
Icon