الأصل، والمادّة أو الإضافة للتشريف فتخصيص الروح الإنسانية لا يحتاج إلى مخصص كما قيل. قوله: (أمر من وقع يقع) كان الظاهر تقديمه على ساجدين، واعتذر بأن السجود لما كان بياناً لكيفية الوقوع هنا قدّمه عليه. قوله: (كد بتثيدين الخ) في التسهيل لا تعرض في أجمعين إلى اتحاد الوقت بل هو ككل في إفادة المعموم مطلقا خلافا للفراء فإنه زعم أنه يفيد مع التأكيد الاجتماع في وقت واحد، وليس
كذلك عند البصريين، واستدلوا بقوله عز وجل: ﴿لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [سورة ص، الآية: ٨٢] فإنّ إغواءهم لم يكن في وقت واحد ورده المدقق في الكشف بأنّ الاشتقاق من الجمع يقتضيه لأنه ينصرف إلى أكملى الأحوال فإذا فهمت الإحاطة من لفظ آخر، وهو كل لم يكن بد من كونه في وقت واحد، والا كان لغوا والردّ بالآية منشؤه عذم تصور وجه الدلالة، ومنه تعلم انّ ما قاله المبرّد هو الحق الموافق لبلاغة التنزيل، وقوله ومنع مجرور معطوف على التعميم. قوله: (١ ن جعل منقطعاً اتصل به قوله أبي الخ) وجه الانقطاع ظاهر لأنّ المشهور أنه ليس من جنس الملائكة، والانقطاع يتحقق بأحد أمرين عدم دخوله في المستثنى منه أو في حكمه، وما قيل إنه لو كان منقطعا لم يكن مأموراً بالسجود فلا يذم، والاعتذار عنه بأنهم كانوا مأمورين، واستغنى بذكر الملائكة عليهم الصلاة والسلام عنهم، وإنه معنى الانقطاع، وتوجه اللوم من ضيق العطن كما مرّ تفصيله. قوله: (أي ولكن إبليس الخ) فإلا بمعنى لكن وابليس اسمها، وجملة أبي خبرها كذا في شرح الكشاف وسيأتي ما فيه، وقوله وان جعل متصلاً إمّا بأن يكون ملكاً أو الجن من جنس الملائكة أو غيرهم، ولكنه داخل فيهم على طريق التغليب كما مرّ، وجملة أبي حينئذ مستأنفة استئنافاً بيانياً، وقوله أفي غرض لك في أن الخ أي هو على تقدير حرف الجرّ، والغرضية من اللام، وقوله اللام لتأكيد النفي كما قرّرناه في لام الجحود، وتفسير نفي كان بنفي الصحة هو أحد استعمالاته، ومن قال إنه لزمه لا لأنّ نفي السجدة كناية عن نفي الصحة بناء على عدم صلوحه للجواب بل بيان لأنّ الجواب لم أكن مع ما بعده لا وجه له، وقوله وخلقتني من نار إشارة إلى مراده بدليل بيان ماذة آدم، وقوله قبله من نار السموم، وقوله وأناملك إشارة إلى وجه الاتصال على قول. قوله: (باعتبار النوع والأصل الخ) يعني قوله بشر، ومن صلصال ومرّ في الأعراف أنّ إبليس مخطئ فإنه رأى الفضل كله باعتبار العنصر، وغفل عما يكون باعتبار الفاعل كما أشار إليه بقوله: ﴿مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [سورة ص، الآية: ٧٥] أي بغير واسطة، وباعتبار الصورة كما نبه عليه بقوله، ونفخت فيه من روحي، وباعتبار الغاية، وهو ملاكه. قوله: (من السماء) هذا هو الظاهر، ولذا قدمه، وقوله أو الجنة قيل لقوله:!! كن أنت ورّوجك الجنة} [سورة البقرة، الآية: ٣٥] ولوقوع الوسوسة فيها وردّ بأنّ وقوعها كان بعد الأمر بالخروح من السماء أو من زمر الملائكة عليهم الصلاة والسلام، ويلزم منه خروجه من السماء إذ كونه بانزوائه عنهم في جانب لا يعدّ خروجا في المتبادو،
وكفى به قرينة. قوله: (مطرود من الخير والكرامة الخ) إشارة إلى أنه كناية عن الطرد لكونه لازما للرّجم، وكونه بمعنى المرجوم بإلشهب يقتضي أنه للاستقبال، وتقدير موصونه بشيطان لأنه هو المرجوم بها لقوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ﴾ [سورة الملك، الآية: ٥] ولذا قيل إنه كناية عنه، وقوله وهو وعيد أي بالرجم بها، وما شضمنه من الخزي وتضمف للجواب عن شبهته لأنه تضمن شقاوته، وسوء خاتمته، وبعده عن الخير فهو الذ ي منعه عن السجود لا شرف عنصره، وفيه لطيفة أخرى، وهو أنه لما افتخر بالنار في الدنيا عدّب بها كالمجوس فكب فيها على وجهه وقيل قضمنه للجواب بالسكوت كما قيل جواب ما لا يرتضي السكوت، وقيل لأنه علم منه أنّ الشرف بتشريف الله، وتكريمه فبطل ما ادّعاه من رجحانه إذ أبعده، وأهانه، وقرّب آدم عليه الصلاة والسلام، وكرمه. قوله: (فإنه منتهى امد اللعن فإنه يناسب أيام التكليف (الضمير الأوّل ليوم الدين، ومنتهى اسم زمان النهاية جواب عن سؤال، وهو أنّ إلى لانتهاء الغاية فيلزم زوال اللعن، والطرد عن رحمة الله عندها فأجاب أنه أريد به وقت جمع الخلائق، وهو اليوم المعلوم لأنه لا يعلمه إلا الله فجعله غاية للعنة لانقطاع التكليف به، وقوله فإنه أي اللعن ينايسب أيام التكليف فالمراد لعن الخلق له، وألا فإبعاده عن الرحمة ثابت له إلى الأبد، ولا يلزم منه تكليف


الصفحة التالية
Icon