حمله على صغيرة لم تقع بين الصلوات الخمس كما إذا صدرت عقب البلوغ فإنه تكلف مستغنى عنه مع أنّ الصغيرة قد يعرض لها ما يصيرها
كبيرة. قوله: (لكل واحد جنة وعين أو لكل عدّة منهما) الأوّل بناء على قاعدة تقابل الجمع بالجمع فالاستغراق مجموقي، وعلى الثاني الاستغراق افراديّ فيكون لكل واحد جنات، وعيون،. وقوله: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾ [سورة الرحمن، الآية: ٤٦، وما بعده وان ذكر فيه الجنة فقط لكن بفهم منها العيون لأنها لا تكون بدون الماء في الغالب إلا أنه قيل إنه يدل على أنه له اثنان منهما لا جنات، وعيون إلا أن يبني على إطلاق الجمع على اثنين، وكذا قوله: ﴿مَّثَلُ الْجَنَّةِ﴾ [صورة محمد، الآية: ٥ أ] الآية فإنه دال على تعدد الأنهار دون تعدد العيون لكل أحد فتأمّل، وضم العيون هو الأصل، وكسرها لمناسبة الياء. قوله: ﴿ادْخُلُوهَا﴾ ذكر بعد الحكم بأنّ لهم جنات، وعيوناً قيل لأنهم لما سكنوا جنات كثيرة كانوا كلما خرجوا من جنة إلى أخرى قيل لهم ادخلوها سالمين من الآفات، وهذا إنما يجري على تفسيره الثاني وقيل لأنه لما اعتنى بحال المؤمنين أخبر أنهم في جنات وعيون، وجعلوا كأنهم مستقرّون فيها في الدنيا فلذا جاء ادخلوها بالأمر لأنّ من استقرّ في الشيء لا يقال له ادخل فيه فيكون قوله في جنات المراد به أنهم الآن فيها، وهذا على تفسيره الأوّل بأن يكون لكل جنة، وفيه تأمّلى. قوله: (على إرادة القول اليرتبط بما قبله، ولا يكون أجنبياً، وهو إمّا حال بتقدير، وقد قيل لهم ادخلوها فلا يرد أنه بعد الحكم بأنهم في الجنة كيف يقال ادخلوها كما مز أو يقدر مقولاً لهم ذلك، والمقارنة عرفية لاتصالهما أو يقدر يقال لهم فيكون مستأنفا، وقرئ بقطع الهمزة، وضمها وكسر الخاء فلا يكسر التنوين لعدم التقاء الساكنين كما في القراءة الأخرى، وعلى هذه القراءة لا حاجة إلى تقدير القول وكونه على القراءة بمجهول الأفعال لا يكسر باعتبار المشهور الجاري على أصل القياس، وقرأ الحسن رحمه الله، ويعقوب أيضا ماضياً مبنيا للمفعول إلا أنّ يعقوب ضمّ التنوين بإلقاء حركة همزة القطع عليه كما ألقى حركة المفتوحة في قراءته الأخرى، والحسن كسره على أصل التقاء الساكنين إجراء لهمزة القطع مجرى همزة الوصف في الإسقاط. قوله: (سالمين أو مسلماً عليكم الخ (ولا يتكرر على التفسير الأوّل مع قوله آمنين على ما فسره به لأنّ معناه سالمين من الآفة، والزوال في الحال، وآمنين من طروّها في الاستقبال فلا حاجة إلى تخصيص السلامة بما يكون جسمانيا، والأمن بغيره، وتفسيره بمسلما عليكم كقوله: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾ [سورة الزمر، الآية: ٧٣]. قوله: (والزوال) إن كان المراد زوال ما هم عليه من النعيم، والسرور والصحة لا يتكرّر مع قوله: ﴿وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ﴾ وإن أريد ظاهره من زوالهم عن الجنة، وانتقالهم منها قيل يلزم عليه التكرار ودفع بأنّ إلا من من الشيء لا يستلزم عدم وقوعه كأمن من الكفرة من مكر الله مثلا،
ويجوز أن يكون المراد زوال أنفسهم بالموت لا الزوال عن الجنة، والثاني في غاية البعد فإنه لا يقال للميت إنه فيها، وان دفن بها كالأوّل فإنّ الله إذا بثرهم بالأمن منه كيف يتوهم عدم وقوعه فالجواب ما ذكرناه أوّلاً مع الاعتراف بالتكرار للاعتناء به، والتأكيد أحسن من هذا. قوله: (من حقد كان في الدنيا) قال الراغب أنه من الغلالة، وهو ما يلبس تحت الثوب فيقال لمن تدرّع ثوب العداوة، والضغن، والحقد، وكون النزع في الدنيا لما روي أنه كان بين أحياء العرب ضغائن، وعداوة في الجاهلية فلما جاء الإسلام ألف الله بين قلوبهم وصفى بواطنهم، وسرائرهم من ذلك، وأما كونه في الجنة فلما روي عنه صلى الله عليه وسلم: " إن أهل الجنة يدخلون الجنة بما في صدورهم من الشحناء فإذا تقابلوا نزع الله ما في صدورهم " (١) فذلك قوله تعالى: ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم﴾. قوله: (أو من التحاسد) قيل الغل الحقد الكائن في القلب من انغل في جوفه، وتغلغل فلا وجه لتفسيره بما ذكر ورد بأنّ المعنى نزعنا ما يفضي إلى الحقد، وهو التحاسد، وليس كما ذكر لأنّ الغل ما يضمر في القلب مطلقا كما يشهد به الاستعمال، واللغة. قوله: (حال من الضمير في جنات الخ) أي من الضمير المستتر في قوله في جنات ففي كلامه تساهل، وهي حال مترادفة إن جعل ادخلوها حالاً منها أيضا، وإذا كان حالاً من فاعل ادخلوها فهي مقدرة إن كان النزع في الجنة، وكذا إذا كان حالاً من ضمير آمنين، وقوله أو


الصفحة التالية
Icon